رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أوراق مسافرة

رغم انى تجاوزت مشاعر الانبهار والدهشة منذ أزمنة، وأزعم انى مررت خلال هذه الأزمنة بحشد تجارب حلوة ومرة، لأعبر إلى بوابة الحكمة الرصينة، مع ذلك تناوشنى الدهشة المنزعجة وانا أطالع كم الزيف والأكاذيب والنفاق الممطوطة والمصلوبة على صفحات فيس بوك، ولا أعتقد انى وحدى المنزعجة من ضجيج النفاق وصناعة النجوم الافتراضية، والتهليل والتصفيق لأشخاص ليس لهم كيان أو وجود فى الحياة إلا من خلال صفحاتهم على الفيس، فنصنع منهم نجومًا وأبطالاً، ونتخذ من أقوالهم حكمًا وأمثالًا وقدوة، وكأننا فى مسرح عبثى، بعضنا يمثل على البعض، فندعى التصديق ونحولهم إلى أبطال المواقف فى العالم الافتراضى، بعضنا يكذب على البعض، فنحولهم إلى نماذج للصدق والصراحة وشجاعة القول، بعضنا يدعى المثالية المطلقة ونثمن هذه المثاليته المزيفة بالتعليقات المبهرة واللايكات، رغم علمنا اليقين انهم من دواعر القوم خلقًا وسلوكًا وفكراً.

 هذا لص مرتشٍ، لم ينجُ احد من أن يدفع له، ليقضى له حاجته ومطلبه، فى حين تجد صفحته على الفيس بوك مليئة بكلمات عن فعل الخير لوجه الله، وتيسير أمور العباد وجبر الخواطر، والأنكى من هذا، تجد من تضرروا منه تتبارى أصابعهم لكتابة اجمل التعليقات له، والإشادة بالدور الوطني فى تذليل الخدمات والمصالح للمواطنين، بل حشد أروع الدعوات له على الخير الذى «يهببه»، وان يديمه الله عليهم ويطيل بقاءه وعمره لأجل المزيد من عمل الخير.

وهذه مدعية صحافة وأدب، تهرتل كل يوم على صفحتها بضع كلمات تركز فيها على القافية، كأن تقول «سخطتم الرغيف وبقى صغير، ناكل منه عشرة ولسه بندور، نكمل عشا ولا نجيب بذنجان ونقور» لاحظ هنا قمة الإبداع فى الالتزام بحرف «الراء» آخر الكلمات «الحلمنتيشى»، وستجد أصدقاء صفحتها فوق المائة تعليق والأضعاف لايكات وقلوب، وكل التعليقات «الله الله عليكِ يا مبدعة، قولى كمان واشجينا، يسلم قلمك المبدع، بل منهم من سيقول لها انه ينتظر كل يوم الشعر الذى تكتبه ليستمد منها الأمل والحياة، وآخر ليستمد منها الجرأة فى تناول القضايا السياسية والمصيرية والكروية الأرضية، وثالث، وعاشر، وهكذا، الست صدقت نفسها، فأعلنت عن اختيارها للفوز بجائزة لا اذكر اسمها، من جهة غير معروفة، المهم الجائزة لإسهامها فى إثراء الإبداع العربى» وليس المصرى فقط»، وهكذا صارت نجمة العالم الافتراضى، تتربع على تلال من النفاق، صنعوا منها نجمة من فراغ، وقس على هذا فى شتى المجالات الأخرى، خاصة الثقافية الفكرية والأدبية.

وحكاية الجهات المجهولة التى تمنح الجوائز والأوسمة والنياشين وشهادات التقدير، حكاية أخرى ما أنزل الله بها من سلطان، أشبه باللمبات الملونة الرديئة التى يتم إضاءتها فى الموالد الشعبية، لتبهر العوام والبسطاء، فيما تثير نفور العارفين ببواطن الأمور، ومولد الشهادات والجوائز نشط كثيرا خلال السنوات القليلة الماضية، وهى فى الأصل «سبابيب» جمع سبوبة، تصدرها جمعيات ومؤسسات وكيانات تم تكوينها من مجموعة من الأفراد للحصول على دعم من هنا أو هناك، تحت مسميات الأنشطة الفكرية الثقفية و... و...ولتتويج النشاط حتى يتم إحكام السبوبة، لا ضير من إعلان جوائز وتسليم دروع، واختيار شخصيات ابعد ما يكون عن الإبداع الأدبى، والعبقرية الفكرية والتميز الثقافى، ولأنه بالطبع لا توجد صحيفة أو قناة تليفزيونية يمكن أن تسلط الضوء على تلك المؤسسات «البالونية» لأنهم يعلمون حقائقها، لا يكون هناك مجال للكتابة وتسليط الأضواء على صفحات الفيس بوك، والتى تحولت إلى ملايين من الصحف الشعبية، قد يكون لبعضها هذه الصفحات كثافة فى القراءة والإقبال عليها اكثر من صفحات صحف حقيقية، أو مواقع إلكترونية لصحف ما، وهكذا يتم عمل الدعاية الفيسبوكية، ويدخل الجمهور ليهلل للمؤسسة الوهمية، ولجوائزها ودروعها، وللفائزين بها وتكون التعليقات «جائزة قيمة الف مبروك».

«تستحق عن جدارة بالتوفيق»، «إلى المزيد من الجوائز»، و... و..الخ، وللحديث بقية

[email protected]