رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أوراق مسافرة

 

باستثناء الخوف من الخالق، فإن الخوف موت ما لم تواجهه بإرادة وصرامة، الخوف شبح سيلازمك كظلك إن تركت له العنان، سيكبل خطواتك، أفكارك، يجعلك مسخاً بلا ملامح أو هوية، الخوف عصا نسلمها للظالم طواعية ليظلمنا، ثم نمارس مع أنفسنا طقوس الرعب علينا وعلى أهالينا من بطشه، فنهديه القوة ليدفعنا إلى ركن داكن، مستنقع من الذل والمهانة، نعم نحن من نسلم سلاح الخوف بأنفسنا لكل ظالم، نحن من نسمح للبلهاء للتسيد والتعملق فيقودوننا بخوفنا المتوشح بوهم غريزة البقاء أحياءً، نسلم مفاتيح موتنا لقاتلنا.

وننسى فى خضم ما استسلمنا له من خوف نظرية منطقية، أن أى حاكم استبدادى يعلم فى اللاوعى أن الشعب دوما قوة حتى لو كانت خامدة أو نائمة حيناً، ويمكنها أن تستيقظ فى أى لحظة، وأنه أيضاً يعيش حالة رعب دائمة، وهذا ما يجب أن تدركه الشعوب بجلاء، أن تدرك أن خوف الحاكم الخفى من شعبه هو الذى يحركه، ويجعله يتوشح أمامها بمظهر القوة الخارقة، ويستخدم كل الوسائل لإرهابها، قد لا يفهم الكثيرون هذا، ولا يستوعبون فكرة الاستهانة بالموت من أجل هدف إنسانى أو مبدأ إصلاحى لمجتمعاتهم، ولكن مؤكد سيدركون مع تجارب الخنوع المريرة أن حياتهم تحت الاستعباد والقهر والمصادرة، هو الموت بعينه.

وهذا تماماً ما يفعله رئيس كوريا الشمالية، حكم الشعب بالخوف، فأسلموه خوفهم ليسوقهم، واستسلموا، فاعتادوا، ولكن هل سيأتى يوم ليثوروا ويتحرروا من الاستعباد؟ أعتقد أنه سيحدث، وأكمل ما يفعله مع شعبه من أعمال وحشية وقرارات وأحكام جنونية، ليكرس الرعب فى صفوف الشعب، فلا يرفعوا أعينهم أبداً إلى مستوى رأسه، فقد أعدم رئيس المهندسين الذى أشرف على بناء مطار جديد فى بيونغ يانغ، لأن التصميم لم يعجبه، وأعدم وزير التعليم لأنه «غفا» خلال اجتماع رسمى، وأعدم صديقته السابقة قبل توليه الحكم وهى المغنية هيون سونغ، وأعدم معها 10 فنانين آخرين أمام عائلاتهم وأصدقائهم فى إحدى الساحات العامة بتهمة تصوير فيلم إباحى، وفى تناقض نفسى وبشرى أعدم مدير مزرعة سلاحف بإطلاق الرصاص عليه لنفوق بعض السلاحف الصغيرة موجهاً له تهمة عدم تقديم غذاء وماء كافٍ لها، وعندما بدأ تفشى فيرس كورونا قرر أن يحاربه بتنفيذ إعدامات فورية للمصابين، وأغلق العاصمة، وقام بتلغيم الحدود مع الصين.

كما أعدم 5 موظفين فى وزارة الاقتصاد لأنهم انتقدوا حالة الركود الاقتصادى فى الدول الشيوعية المنعزلة والحاجة إلى وجود إصلاح صناعى، وذلك أثناء تناولهم طعام العشاء بأحد المطاعم، وتم تسريب ما قالوه إليه، واعتبر كلامهم انتقاداً ومعارضة لسياسته، ولأنه زرع الرعب فى أنفس الجميع، أصبح الكل يتجسس على الكل، لأنهم يخافون أن يسبقهم غيرهم لنقل الأخبار والتقارير إليه، فيدانون بالتآمر الوهمى ضده أو الخيانة أو حتى عدم احترامه بالغيب.

ولأنه نجح حتى الآن فى أن يحكمهم بالخوف والحديد والنار، فقد بلغ سيطرته على حياة وخصوصيات شعبه، إلى إصداره قراراً بحظر صباغة الشعر، وتحديد 28 موديلاً من قصات الشعر للرجال، وتشترط جميعها أن يكون السالفان محلوقين لما فوق الأذنين، وألا يزيد طول الشعر على 5 سنتيمترات، كما حدد «قصات» شعر للنساء المتزوجات، وأخرى مختلفة لغير المتزوجات، كما حظر إطلاق اسمه على المواليد الجدد، ومنع المواطنين من إدارة ظهورهم لتماثيله المنتشرة فى ميادين كوريا. وهكذا رسم لهم دولة الخوف، فاستسلموا داخل حدوده خوفاً على حياتهم، وأغلبهم لا يدرك أنهم بالفعل موتى.

[email protected]