رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حتى نلتقى

 

 

 

بعد مشاركتى فى فعاليات معرض الرباط الدولى للكتاب والنشر بالمغرب الذى أقيم فى الأيام الأولى من هذا الشهر، وبعد زيارتى الرابعة لهذا البلد الأمين، أستطيع القول إن ثمة خمسة أسباب وراء جمال المغرب، سأحاول أن أوجزها لك الآن، علمًا بأن الأقدار لم تسمح لى سوى بزيارة ثلاث مدن فقط، وهى الرباط ومراكش والدار البيضاء، فلم أتمكن من زيارة فاس أو أغادير أو طنجة أو شفشاون، وكلها مدن ذات تاريخ عتيد وحضور مشرق. ومع ذلك، فالمدن التى تجولت فى شوارعها وجلست فى مقاهيها قد تكفى لإعطاء صورة عامة عن الجمال المغربى الفاتن.

السبب الأول يكمن فى السخاء الجغرافى الذى يتمتع به المغرب، فهو محاط بكنز بحرى ثمين يتمثل فى البحر الأبيض المتوسط شمالا والمحيط الأطلسى غربًا، الأمر الذى يجعل الإنسان المغربى قادرًا على التعامل برحابة صدر مع الثقافات المختلفة الواردة إليه عبر الماء، فليس غريبًا أن تجد الفرنسى والإنجليزى والإسبانى والأمريكى والبرازيلى والكندى وغيرهم يتوافدون على المغرب وهم مطمئنون، وقد رأيتهم بنفسى وهم يتجولون فى أزقة الرباط القديمة المحتشدة بالمحال الصغيرة، فلم يزعجهم أحد ولم يطاردهم بائع، أو يتحرش بهم مراهق متهور!

الطبيعة الخضراء الوفيرة، هى السبب الثانى، حيث يسهل ملاحظة حضورها بقوة، فالأشجار فى كل مكان، والحدائق منتشرة بكثافة، ومعلوم أن الطبيعة الخضراء تهب من يعيشون فى رحابها طاقات إيجابية مبهجة، فأهل المغرب لا يعرفون مصيبة قطع الأشجار!

يتجلى السبب الثالث فى التفاعل المغربى الخلاق مع الثقافة الأوروبية خاصة الفرنسية، فأهل المغرب جميعهم يتقنون الفرنسية، ويتحدثون بها بطلاقة، والفرنسية لغة شعب أوروبى متطور فى المجالات كافة منذ قرون، الأمر الذى ينعكس على درجة تطور سكان المغرب بالإيجاب.

أما السبب الرابع فيلوح فى اختفاء ظاهرة التكدس الشديد التى نعانى منها فى مصر، سواء كان التكدس بشريًا، أو معدنيًا (سيارات وباصات وموتوسيكلات وخلافه)، ذلك أن التكدس يصيب المرء بالاختناق والسخط والغضب. على الرغم من أن سكان المغرب نحو 37 مليون نسمة، وسكان العاصمة بلغ خمسة ملايين إنسان تقريبًا.

أظن أن السبب الخامس فى منظومة الجمال المغربى يتمثل فى الانضباط المرورى الصارم، الذى يعبر عن فضيلة احترام القانون وتبجيله، فلا يجرؤ أحد على مخالفة التعليمات المرورية حتى لا يتعرض لعقاب، ومعلوم أن السيولة المرورية الناتجة عن براعة تخطيط الشوارع والالتزام المرورى الحازم تمنح المرء استقرارًا نفسيًا مهمًا.

يبقى أن كل ذلك يلوح فى بشاشة الوجوه هناك، فأهل المغرب بسطاء وكرماء، ومبتسمون على الدوام، وقد أسعدنى جدًا أن أرى ذلك فى وجوه السابلة فى الشارع، أو فى ملامح المثقفين والمبدعين الذين التقيت بهم وسعدت بالتعامل المباشر معهم أمثال الأساتذة الكبار: الشاعر الدكتور حسن نجمى رئيس اتحاد كتاب المغرب السابق، فهو رجل أنيق الروح، حلو المعشر، وقد أدار بذكاء شاعرنا الكبير أحمد الشهاوى لقاء حميمًا معه على هامش فعاليات المعرض، وكذلك سعدت بلقاء الصحفية فدوى البشيرى ذات الطلة الذكية اللطيفة، والروائى والناقد الكبير الأستاذ أحمد المدينى الذى يملك حسًا نقديًا بالغ العمق، وكذلك الأستاذ المبدع محمد صوف صاحب الحضور البهى.

لكن، لا يمكن الحديث عن المغرب دون ذكر ياسين عدنان الصحفى والإعلامى والشاعر والروائى الموهوب، الذى سرتنى معرفته عن قرب منذ القرن الماضى، فهو مثقف متفرد ومبدع متميز، وقد تكرم باصطحابى معه فى سيارته للتعرف على أجواء المدن المغربية الثلاث وأسرارها، ومن حسن الطالع أن شقيقه التوأم طه عدنان شاركنا فى زيارتى الأخيرة، وطه كاتب مسرحى من طراز فريد بحق.

باختصار... المغرب كنز من الجمال والعراقة والسحر.