رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حتى نلتقي

 

 

 

بدعوة كريمة من معالى محمد المهدى بن سعيد، وزير الثقافة والشباب والتواصل فى المملكة المغربية، هبطت أرض الرباط للمرة الرابعة، كى أشارك فى ندوة تعقد على هامش الدورة السابعة والعشرين للمعرض الدولى للنشر والكتاب، المقام فى الرباط من الثانى حتى الثانى عشر من يونيو الجارى.

الحق أننى مفتون بالمغرب قبل أن ألتقيه وجهًا لوجه أو أصافحه يدًا بيد، والفضل يعود إلى اثنين: السينما المصرية، خاصة المشاهد التى جمعت رشدى أباظة وسعاد حسنى فى فيلم (الحب الضائع 1970)، إذ التقيا مصادفة فى ساحة (جامع الفنا) بمراكش، حيث سحرتنى تلك المشاهد فى الأيام الخوالى، وكذلك الفيلم الأمريكى (كازابلانكا 1942) الذى لعب بطولته همفرى بوجارت وأنجريد برجمان، أما العامل الثانى، فيعود إلى أدباء المغرب المتفردين الذين قرأت لهم والتقيتهم فى القاهرة والعديد من العواصم العربية الأخرى.

أبرز ما يميز المدن المغربية هو الاهتمام بالطبيعة، فالأشجار والحدائق منتشرة بكثافة فى كل مكان، وهم يطلقون اسم (الغابة) على الحدائق الكبيرة كثيفة الأشجار، كما أن النظام المرورى منضبط بشدة، حيث لاحظت ذلك فى المدن الثلاث التى سعدت بزيارتها والإقامة فيها وهى الرباط، والدار البيضاء ومراكش. وأظن أن بقية المدن المغربية الشهيرة تتمتع بهذه الخصال أيضًا، فالمدن المتجاورة تتشابه.

أهل المغرب يطلقون على الرباط لقب (المدينة البيضاء)، فكل مبانيها باللون الأبيض، إذ لا يزيد ارتفاع أى مبنى عن خمسة أدوار إلا فيما ندر، فالسماء فى العاصمة المغربية حاضرة بقوة قريبة من سكان الأرض، تشعرهم بأنها تحنو عليهم وتتابع شئونهم فتتلقى دعوات الحيارى والمحزونين بكل ترحاب.

مثل كل العواصم العربية التاريخية، تجد دومًا المدينة القديمة فى قلبها، تلك المدينة التى تأسست قبل قرون، هكذا تجولت فى الرباط القديمة، حيث الحارات والزنقات الضيقة، لكنها نظيفة ومنظمة، والمحلات تتناثر على الجانبين لتعرض بضاعتها من الصناعات التقليدية اليدوية، فيقبل عليها السائحون والزوار بأمان، وما أكثرهم. فلا مطاردة لسائح ولا إلحاح منفرا على زبون. ورغم أننا فى يونيو إلا أن الطقس كان بالغ اللطف، فدرجة الحرارة فى حدود 24 درجة مئوية، والشمس حنونة مسالمة، أما النسيم القادم من المحيط الأطلنطى فينعش الوجوه برقته وليونته.

وفقا لتعداد 2021، فإن سكان المغرب فى حدود 37 مليون نسمة، أما سكان العاصمة وضواحيها، فبلغوا نحو خمسة ملايين إنسان، وهو رقم كبير لا ريب، ومع ذلك، فالشارع المغربى يتسم بالهدوء، فلا فوضى ولا تشويش ولا ضجيج ولا اضطرابات مرورية مزعجة.

حين تجولت فى أحياء الرباط وشوارعها الرئيسية شعرت كأننى أسير فى قاهرة الستينيات، فالأشجار الرائعة على الجانبين، والبسمة تعلو الوجوه، فلا اكتئاب ولا شرود، أما المحلات النظيفة فتستقبل زبائنها بهدوء، فلا صخب من جهاز تسجيل بالداخل يعلو صوته حتى يصم الآذان، أما النساء بأعمارهن المختلفة، فيتحركن بأمان فى الشارع بأزياء صيفية لطيفة وعصرية، فهناك من تسير بفستان بلا أكمام، وهناك من ترتدى المينى جيب، وهناك المحجبة أيضا، والمحجبات هن القلة بالمناسبة. ومع ذلك، فلا تحرش بلفظ خشن غليظ من شاب يترصد، ولا مطاردة سخيفة من مراهقين لم يعلمهم المجتمع ولا الأسرة قواعد الذوق فى التعامل مع النساء.

أما معرض الكتاب، فكم كانت سعادتى وأنا أرى الجمهور يحتشد بنظام أمام بوابات المعرض، والضحكات ترن فى فضاء المكان، وكأنهم فى عرس حقيقى، أما الندوة التى تشرفت بإلقاء كلمة فيها، فقد شارك فيها الكاتب المغربى الكبير أحمد المدينى، والمبدع التونسى المتميز الأستاذ كمال العيادى، وأدارها الكاتب المغربى المتفرد الأستاذ محمد صوف، وكانت بعنوان (كتابة المكان).

باختصار... المغرب بلد فاتن يمنح زائريه السعادة والطرب والسرور.