عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أوراق مسافرة

 

 

يجادلنى الزميل الصديق الكاتب الصحفى الدكتور مصطفى عبدالرازق وهو باحث أكاديمى متميز، حول مضمون عشق إنسان ما لجلاده، ويصر على أنه ليس عشقاً بل اضطراراً مشفوعاً بالخوف من تنكيل الجلاد، خاصة إذا كان الأمر يتجاوز علاقة ثنائية بين حبيبين، ليتسع إلى مفهوم أشمل حول علاقة شعب بحاكم ديكتاتورى قح، على غرار زعيم كوريا الشمالية كيم جون أون، الذى يفرض على أمته حصاراً ثقافياً وفكرياً، بل يصادر جل حرياتهم حتى العامة والشخصية، وأتمسك أنا برأيى، لا شىء فى العالم يبرر أن يعيش البشر كقطيع من الأغنام، يساق إلى الكلأ، فيأكل ما يحدده الراعى كماً ونوعاً، ومن ثم يقاد إلى المخدع ليتكاثر ثم ينام، وليكون تكاثره هو منفذ الحرية الوحيد الذى يمكن أن يمارسه بعيداً عن أعين الراعى، هذا إن لم تكن هناك كاميرات مدسوسة تراقب هذا الفعل.
أتمسك بأن اتخاذ الخوف ذريعة للاستسلام والانقياد التام، تقويض لأسس ومؤسسات الدولة، وهدم للبنيان البشرى والتنموى، الخوف يقتل كل ملكات الإنسان وإبداعاته، فيتحول إلى مجرد «روبوت» آلة، تؤدى ولا تفكر أو تبتكر، وأنه مهما بلغت قوة الديكتاتور والجوقة التى تحميه من حرس حديدى، كل شىء قابل للاختراق والكسر، إن أراد الشعب التحرر من العبودية، ولا ضير أن تتم التضحية بالبعض ليعيش الكل أنفاس الحرية، وكم من شعوب ثارت على حاكمها ولو بعد حين، أما التعلل بالخوف وويلات العقاب التى تنتظر من يعارض أو يتمرد، فهو الفزاعة التى يروجها أصحاب المصالح المنتفعين من هذا النظام القمعى، الذين يستمدون نفوذهم وسلطتهم وثرواتهم من هذا النظام، وزواله يعنى زوالهم.
ويحلو للدكتور مصطفى مشاغبتى فى الرأى، فهو يتوجنى بلقب «المحاربة»، واحترم دفاعاته حول خوف الشعوب، ولكنى أرفضها تماماً، لا حياة مع الخوف، ولا خوف مع الحياة إلا من الخالق، أو يعقل أن يعيش قرابة 26 مليون شخص فى كوريا الشمالية خلف قضبان سجن حدوده الدولة؟، وألا يسمح إلا لفئة مقربة من الرئيس السفر للخارج، فيما باقى الشعب محظور عليه السفر لأى بلد آخر سواء للسياحة أو الدراسة أو العمل، فحلم السفر للخارج يعتبره الرئيس خيانة عظمى، الشعب لا يشاهد عبر التليفزيون إلا خطب الرئيس، وما يقرره من أخبار داخلية فقط، ولا يعلمون شيئاً عن أخبار العالم الخارجى، محظور التواصل الهاتفى مع أحد خارج كوريا، وبالتالى لا يعرفون شيئاً عن الإنترنت وشبكات التواصل، ومن يضبط وهو يحاول أن يفعل عكس ذلك يعدم فوراً.
تماثيل الرئيس كيم فى معظم الميادين، وكل مواطن يمر بجانبها، يجب أن ينحنى لمدة دقائق محددة من قبل الرئيس، ويؤدى التحية للتمثال وهو محنى الرأس، لو اختصر مدة التحية والانحناء، أو نسى التحية، يتم إعدامه فوراً فهناك رقابة صارمة من خلال الحرس المراقبين للتماثيل وللشعب، يقرر الرئيس فجأة إعلان أحد أيام الأسبوع أو الشهر كيوم حزن، لأن مزاجه ليس على ما يرام، أو لأنه تذكر مثلاً وفاة والده، وليس شرطاً أن يكون هذا اليوم ذكرى الوفاة، فيقرر أن يحزن كل الشعب، ويصدر أمراً بمنع الابتسام أو الضحك، سواء فى الشوارع أو داخل البيوت، ومن يضبط متلبساً بالسعادة والابتسام، يساق فوراً إلى الإعدام بتهمة مخالفة أمر الرئيس.
يحدد الرئيس الكورى الشمالى للرجال شكل قصة الشعر، وعلى الجميع أن يخضع رأسه لهذه القصة، وويل لمن يحاول أن يقلد قصة شعر الرئيس، ستطير رقبته على الفور بتهمة إهانة الرئيس بمحاكاة شكله، وللحديث بقية.
[email protected]