عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تأملات

عطفاً على ما تناولته هنا الأسبوع الماضى بشأن «الإعلام البديل» الأصفر، أشير إلى مظهر آخر من مظاهر هذا الإعلام، بعيدا عن التوصيف وما إذا كان أصفر أم غير أصفر وهو فضاء اليوتيوب. لقد كتبت من قبل وأتصور أننى لم أكن مبالغا أو مأخوذا بالظاهرة أن المستقبل لليوتيوب وأنه قد يفرض على التليفزيون بمعناه التقليدى الإنقراض والإندثار. صحيح أن المواطن المعولم له الحق وكل الحق فى أن يبدى دهشته ويفغر فاه من حجم هذه القفزة واتساع ذلك التطور، غير أنه يبدو أن هذه الوسائل ما زال لديها الكثير.

وإذا كانت كل أداة يمكن أن تستخدم بشكل سلبى أو بشكل إيجابى حسب طبيعة ورؤية المستخدم، فإن الأمر ذاته ينطبق على اليوتيوب. إن تعبير «كل من هب ودب» قد لا ينطبق على شيء قدر انطباقه على عمليات البث على اليوتيوب، فلقد تحول ذلك التطبيق أو موقع «الويب» أداة فى يد الجميع لاستخدامه حسب الأهواء ودونما قواعد باستثاء تلك التى وضعتها إدارة التطبيق.

ولعله من هنا يلحظ مستخدم التطبيق كمتابع وليس منشئًا للمحتوى حالة الانفلات فى نشر مواد مختلفة ومتنوعة وفى كثير من الأحيان مما قد لا تتناسب مع قواعد المجتمعات التى يتم نشر المادة من أجل أفرادها. ليس ذلك بالطبع دعوة إلى وضع قيود على التطبيق، فحالة الفرز المجتمعى هى التى ستحدد من له الاستمرار ومن عليه سرعة الانسحاب.

غير أن من بين الملامح أو الأمور الجديدة التى يمكن رصدها بشأن استخدام اليوتيوب تحوله إلى منصة للحرب المجتمعية والاقتصادية بل والسياسية، بشكل قد لا يحمل أى مبالغة القول بأننا أصبحنا نشهد على تلك المنصة ذات العمر القصير من الزمن حروبًا من كل لون ليس بين مجتمعات أو دول مختلفة وإنما بين أبناء المجتمع الواحد واخص بالذكر هنا مجتمعنا المصرى.

أى متابع جيد لليوتيوب سوف يلحظ أو يشعر وكأننا أصبحنا كأفراد مجتمع واحد نأكل فى بعضنا البعض. دعك من تلك المعارك الصغيرة التى تلوم فيها سيدة منشئة محتوى إحدى المشاهدات تستنكر زيها أو ذلك المتابع الذى يرى أنه لا قيمة فى قناة الطبخ التى تقدمها شخصية معينة، فذلك كله ترهات لا يجب أو ينبغى التوقف عندها وهى من طبائع الأمور. الخطير هو تلك الحالة الاستقطابية التى تغذى وتتغذى من واقع المجتمع وتقسمه إلى فسطاطين كل فسطاط يتصور أنه على الحق.

والخطير تلك الحالة الجديدة التى بدت على كثير من المصريين ممن يجدون فى اليوتيوب ومن الخارج وسيلة لبث حالة من النقمة يرون أنها طبيعية احتجاجًا على أوضاع شخصية أو حتى عامة. والأخطر هو وجود قنوات ينطلق أصحابها مما يرونه غيرة على الوطن للرد على هؤلاء الناقمين. والمشكلة أن لغة الحوار على مستوى الطرفين تكاد تكون واحدة ويتم خلالها تغييب العقل والمنطق والنزول إلى مستوى غير لائق من النقاش.

بماذا يمكن تفسير ذلك؟ أعتقد أن الأمر ربما يكون لدى البعض واضح ولا يحتاج إلى تفسير، وإن كان هذا الوضوح لا يعفى من ضرورة دراسة هذه الظاهرة باعتبارها تدخلاً فى إطار ما وصفناه بالإعلام البديل.

فى تقديرى أن هذا النوع من الدراسة، خاصة إذا كانت رصينة ومتزنة وموضوعية يمكن لها أن تسهم فى القضاء على تلك الظاهرة القميئة التى لا تليق بنا وربما يتعزز دور هذا التصور بحقيقة أننا مقبلون على مرحلة جديدة من الحوار الوطنى يرتبط نجاحها بتجاوز حالة تشظى المجتمع.

[email protected]