رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

طبيعة إسرائيل ككيان محتل ومغتصب ومرتبط عضويا بقوى خططت لقيامه وتثبيته محتلا لوطن بديل من قبل ما يقرب من قرنين، سيبقى على مبررات استمرار الصراع بين هذا الكيان، وبين محيطه العربى مطبعين ومقاطعين.

وفى ذكرى أكثر من سبعة عقود على نكبة 48 يجب أن يتجدد باستمرار الإيمان المطلق بأن مستقبل فلسطين بيد الفلسطينيين -ولا غير- وستنتصر إرادتهم فى النهاية، ليس فقط لأسباب قومية وجيوسياسية، ولكنها قوانين التاريخ ونواميسه قبل كل شيء. معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل 1979 تظل فى حقيقتها تحولا جديدا نحو صراع جديد بين العرب واسرائيل انتقل من دائرة صدام السلاح إلى فضاء صراع الهويات.. قد لا تكون رياح الواقع العربى مواتية لأمانى أجيال سابقة ولاحقة.

وبرغم أن اسرائيل بمعايير القوة العسكرية والعلمية كيان قوى ومتطور ،لكن مشاكل الهوية داخل هذا الكيان تهدد بقاءه، ويعلم نخب اسرائيل من كل الأطياف السياسية والأكاديمية والدينية، أن مشاكل الهوية أكثر خطورة ألف مرة على استمرارية الكيان الصهيونى، من أشد الحروب التى يمكن أن تفتك بهذا الكيان المصطنع.. ومن دواعى السخرية، وما يعكس أزمات الهوية أن يتفق المتطرفون دينيا فى المجتمعات العربية وداخل الكيان الصهيونى على تفسير واحد لنتائج حرب 67، على الرغم من أن الطرف الأول خرج مهزوما، والثانى ظفر بالانتصار واحتلال أراضٍ جديدة.. المتدينون العرب اعتبروا النكسة نتيجة طبيعة لأنظمة ومجتمعات كافرة خاصمت شرع الله، والمتطرفون اليهود اعتبروا انتصار الكيان الصهيونى فى 67 اغتصاب لوعد الرب، وميل للكفر باسم الدولة العلمانية المارقة.

فى أعقاب حرب 1967، تصاعدت داخل المجتمعات العربية وداخل الكيان الصهيونى نبرة الحديث عن الهوية.. فى المحيط العربى ظهر مفهوم الصحوة الاسلامية التى اعتبر مريدوها أن نكسة يونيو 67 كانت بسبب ابتعاد الانظمة والمجتمعات عن الأخذ بأحكام الشريعة الاسلامية، والافتقار لطهر الاسلام الأول أمام «نجاسة» الدعاوى القومية والاشتراكية.. ومن داخل الكيان الصهيونى ظهرت مشكلة هوية عاصفة فى اعقاب يونيو 67 بانطلاق موجات جديده للمد الدينى فى مواجهة مجتمع العلمانيين داخل هذا الكيان.

تستمر معضلات الهوية مهددة للمجتمعات العربية، ربما لضعف الرؤية التاريخية، وللحيرة الأزلية بين ماض لم يمت ومستقبل لم يولد. المجتمعات العربية فى حالة تيه دينى وثقافى بحثا عن واقع مثالى للحياة، لم يوجد ولن يوجد، لأنها فكرة منافية لحقائق الوجود الانسانى.. حقيقة أمراض الهوية فى المجتمعات العربية والتى أصبحت بحاجة لعملية «غسيل» تاريخى أن هذه المجتمعات لم تملك من أدوات زمانها إلا مزامير التمنى، وأنها فى حالة انكفاء على الماضى. أما الكيان الصهيونى فإن العوامل المهددة لهويته كثيرة ومعقدة، لعل ابرزها يرتبط بأسباب ديموغرافية تتعلق بتركيبة طبقات المجتمع الاسرائيلى التى تضم فسيفساء من أعراق يهودية (سفارديم واشكانيزم ويهود عرب ويهود افارقة)، قادتهم الهجرات منذ بدايات القرن التاسع عشر إلى فلسطين باعتبارها -فى اعتقادهم- أرض الميعاد وكل بعيد عنها فى منفى.. هذه الفسيفساء داخل الكيان الصهيونى، وبكل تناقضاتها الثقافية والعرقية والدينية هى مشروع قابل للكسر والتفتت، حتى لو امتلك هذا الكيان ألف قنبلة نووية.. وجوديا هو كيان مبتسر، ومقبل على انتحار تاريخى حتمى.