رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أوراق مسافرة

لا أؤمن بالصدفة، كانت رسالة قدرية موجعة لى وللملايين، تواكبت مع سلسلة مقالاتى حول أوجاع وآلام مهنتنا القاتلة سرًا وعلانية، مهنة البحث عن المتاعب، وصمتنا نحن أنفسنا عن البوح عما نلاقى، حرجاً، تعففاً، أو فقدانًا لأمل الحلول الناجعة، وكانت الرسالة هى اغتيال رصاص الغدر لأيقونة من أيقونات الصحافة شرين أبو عاقلة، لتدلل بروحها التى أزهقت، وجسدها الذى روت دماؤه ميدان حربها الشريفة التى لا تتسلح فيها إلا بقلم وميكروفون صغير، إن مهنة الصحافة هى مهنة المخاطر، التى لا ينجو منها كل صحفى شريف يؤمن برسالته من اجل خدمة المجتمع والدفاع عن كل حق ومحاربة لكل فاسد، ولا يتخذ من الصحافة مطية للتسلق، ولا مزادًا لبيع الشرف والضمير لتحقيق الثراء، ولا هزوًا يثير استنكار وسخرية القراء لما ينشره من نفاق وتدليس ودق على كل طبول النفعية.

اغتيال شرين أبوعاقلة كشف لكم وللعالم وباختصار عميق دامى رسالة أخرى خلفيه، بجانب الرسالة الرئيسية لغشامة وصلف المحتل، وعدم تورعه عن اغتياله فراشة فى الحقل، ليمنع عيون الحقيقة عن جرائمه التاريخية والمعاصرة، الرسالة الخلفية الثانية هى حياة الصحفى الشريف الذى لا يبيع قلمه ويستمسك بضميره مقاومًا كل الإغراءات المادية حوله، أرأيتم بيتها البسيط جداً؟.

كل صحفى شريف مغامر يطارد بقلمه الظلم والقهر والفساد، وكل أشكال الاحتلال بما فيها الاحتلال الفكرى والنفسى للشعوب، واحتلال الحقوق، هو شرين أبو عاقله، قد لا تغتاله رصاصات احتلال إسرائيلى، ولكن تغتاله احتلالات أخرى نفسيًا وجسديًا وماديًا، يحاول الصحفى الشريف محاربتها للتحرر منها وكثيرًا ما يفشل، يضاف إليها ما يلقاه من ظلم أو تعنت إذا ما ابتلاه الله برئيس مباشر اهتز ضميره أو غاب، أو رئيس تحرير التفت حوله شلة فاسدة وبطانة سوء، فهذا الصحفى الشريف المطحون يواجه صراعًا يومياً، لا بل صراع كل دقيقة مع الحدث، يلهث لتغطيته، ويقبع بالساعات لكتابته، ثم قد يفاجأ بمنعه من النشر، أو اختصاره لتفريغه من مضمونه لإرضاء مسئول ما، أو حتى عدم نشره على الإطلاق لأنه لا يتوافق ومزاج رئيس التحرير أو جهات أخرى ما، ولا يتنفس الصحفى الصعداء ارتياحًا إلا عنما يمسك صحيفته بين يديه، ليرى ما كتبه منشورا، دون حذف أو تشويه، أو ترويح لأجل آخرين، ودون « لصق» اسم صحفى آخر محظوظ بجانب اسمه عدوانا عليه ومجاملة للصحفى الآخر، وكم من سرقات أدبية وفكرية تحدث فى مجالنا الصحفى.

وقد لا يدرك إلا معشر الصحفيين أنفسهم فداحة تلك الجريمة، وتأثيرها النفسى البشع، خاصة اذا كان الصحفى لا يمكنه مواجهة رؤسائه لرد هذا الظلم، خوفا على لقمة عيشه، أو تلاشيًا لمزيد من البطش والتعنت، نعم وللأسف الصحافة مبتلاة كغيرها من المهن ببعض قيادات ليست معصومة من الأخطاء والتجاوزات والمحاباة، وإسناد المصادر المهمة للمقربين لهم ممن يحوزون على الرضا حتى لو كانوا يفتقدون للكفاءة والمهنية، ورفعهم على رؤوس زملائهم، وتهميش آخرين اكثر استحقاقًا وكفاءة ومهنية، مبتلاة ببعض قيادات تمارس بكل أريحية التفرقة بين الصحفيين، والدق على طبول المسئولين لنيل الرضا، تحذف، وتشطب، وتمنع، وتصادر الكثير من الحقائق المطلوب نشرها، وتتغاضى أو تتجاهل النشر عن الفساد، والصحفيون الشرفاء يعانون من كل هذه الضغوط، بجانب ضغوط حياتهم البسيطة، لانهم يكتفون برواتبهم من المؤسسة الصحفية، دون مد أيديهم هنا أو هناك لبيع أقلامهم والإتجار بضمائرهم، وهؤلاء هم الذين يسقطون مرضى وصرعى على بلاط الملكة من فرط القهر والظلم، وللحديث بقية...

[email protected]