رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

 

عن دار ليفانت.. صدر كتاب للأستاذ الدكتور ظريف حسين..أستاذ ورئيس قسم الفلسفة بكلية آداب الزقازيق.. والكتاب يعد مسحاً شاملاً لأهم نظريات الأخلاق..رؤية شاملة هدفها تركيز أفعال البشر نحو أهداف مشتركة، من جهة، وحل المشكلات الأخلاقية القائمة فى مجتمعاتنا، وخاصة فيما يتصل بعلاقاتها بالعلم والدين والقانون والعادات والتقاليد من جهة أخرى.

وكما يقول د. ظريف.. ليست الفلسفة سوى الأخلاق والمنطق، فالإنسان لا يعرف للمعرفة ولا يتذوق الجمال للمتعة، إلا لأن هذه المتعة سترقق مشاعره وترهف روحه، وتمنعه من التعامل بجلافة وغشم، ولا يتدين الإنسان إلا ليدير حياته حول مركز روحى هو بالأساس أخلاقى، ولا يعمل بالسياسة إلا لتوزيع مراكز السلطة فى المجتمع بالعدل والمساواة.

وهو فى المقدمة يستهجن ويستنكر ويستعجب ويتساءل ويندهش.. لماذا يستمرئ المجتمع الذى نعيش فيه (الكذب)؟.. لماذا لا يصاب الناس فى مجتمعنا بالوساوس القهرية من (الكذب) كوساوسهم من النظافة والمحرمات الدينية؟ فيتحسسون منه ويتجنبون اللجوء إليه كما يتنفسون؟ لأنهم يعلمون أن حياتهم والكذب سواء، ولأن «الصدق» لا يهمهم كأهمية النظافة للصحة، فالرعب من الأمراض انعكاس للرعب من الموت، فضلاً عن الرعب على مصيرهم بعده، فيلجأون للخلاص من الأمراض بسلخ جلودهم بكثرة اغتسالهم إمعاناً فى نظافتهم، رغم علمهم أن هذه الجلود وقاية لهم من الميكروبات، فيأتى فعلهم (وهو المبالغة فى النظافة) معاكساً فى تأثيره لغايتهم.

والغاية المنشودة من هذا التحليل هى البحث عن دلالة استبعاد «الكذب» من قائمة الأشياء التى تعانى البشرية من الوسوسة منها، وإذا كان الكذب هو أصل الرذائل، حتى لقد أنكر الرسول أن يكذب المؤمنون، فإن فلسفة الأخلاق ضرورة حيوية كضرورة الكذب لاستمرار الحياة، ولتقف دائماً للكذب بالمرصاد.. والسؤال هو: إذا كان الكذب هو الحياة نفسها، فكيف يمكنها التغلب عليه وقهره؟ عندما تدرك جيداً أن فيه فناءها ولو بعد حين، وحينما ندرك أننا لسنا موسوسين، نفرى جلودنا للخلاص من تهديد محتمل لصحتنا الفعلية.. إذن الكذب نجاة موهومة من متاعب حياتنا الحقيقية.. والفعل الأخلاقى هو السباحة ضد تيار الكذب، ولك أن تتخيل كم المشقة التى سنلاقيها لمقاومة تيار الكذب، أعنى تيار الحياة!

لقد اخترعت كل الأنظمة بأشكالها السياسية والقانونية، وأنزلت الشرائع الدينية لتعويض النقص الأخلاقى، ولكن رغم تطور البشر الهائل عقلانياً، فإنهم ما زالوا منحطين حضارياً، لأن الأخلاق هى أساس الحضارة.

والسؤال هو: لماذا لا يتحسن الناس أخلاقياً رغم تقدمهم المطرد عقلانياً؟ إن السؤال إذن عن علاقة العقلانية بالأخلاق وهل هى طردية أم عكسية؟ ولابد من الإقرار واقعياً بدوام الشرور، وبأن مساوئ الناس دائمة، فهى لا تتغير إلا فى أشكالها تماماً مثل الطاقة الفيزيائية التى «لا تفنى ولا تستحدث من العدم، ولكنه تتحول من صورة إلى أخرى».  

إن فى هذا الكتاب رؤية تجمع بين العلم والفلسفة (بوصفها وعاء الثقافة) للأزمة الأخلاقية، التى ما خلا منها عصر وما برأ منها ضمير، ولذا فإن عدم الوعى بها تجاهل لكونها أزمة مصير. والكتاب رؤية فى فلسفة الأخلاق.. جدير بالقراءة والاهتمام.

--

أستاذ الفلسفة وعلم الجمال – أكاديمية الفنون