عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تأملات

استغربت كثيرا تأكيد الرئيس الروسى بوتين عندما بدأ حربه فى أوكرانيا على أنه يسعى من خلال تلك الحرب إلى القضاء على الحكم النازى هناك. ما أعلمه أن النازية لها مواصفات محددة تستمدها من تجربة حكم هتلر فى ألمانيا خلال ثلاثينيات وأربعينيات القرن الفائت، لكن أن يتم وصف نظام الحكم فى كييف بتلك الصفة فهذا أمر يبدو مفارقا للمنطق. يمكنك أن تختلف أو تتفق ما شئت مع نظام زيلنسكى، واعتباره دمية فى يد الغرب، والولايات المتحدة تحديدا. يمكنك أن تسخر منه وتعتبر ممثلا فاشلا تم استقدامه إلى كرسى الحكم فواصل مسلسل الفشل فى تمثيل دور الرئيس، لكن أن يتم دمغه بأنه نازى فتلك فرية لو يعلم بوتين كبيرة.

لكن الأمر قد يبدو مقبولا ومستساغا فى إطار الصراع على الاستحواذ على العقول فى الصراعات الدولية الجارية، وعلى ذلك فإنه فى المقابل لك أن تشعر بالدهشة ذاتها من رد الرئيس الأمريكى فى المقابل والذى يماثل أو يقارب فرية بوتين، حينما راح بايدن يصف الأخير بأنه ديكتاتور. صحيح أيضا أن روسيا شهدت ديكتاتوريات عديدة على مدار تاريخها وخاصة خلال الحكم الشيوعى وقبل تفكك الاتحاد السوفييتى، وصحيح ان بوتين قد يكون يدير الأمور بأساليب تفتقد إلى الشكل الديمقراطى لكن وسمه بأنه ديكتاتور يبدو أنها عبارة خرجت من بايدن بشكل «لا إرادي». ولعله لذلك صدر تصريح من واشنطن يفيد ان ذلك الوصف إنما يعبر عن رؤية شخصية للرئيس الأمريكى وليس موقفا رسميا للولايات المتحدة.

كل ذلك شىء وأن تجد وكالة أنباء «أر تي» الروسية تخصص قسما كاملا للحرب على أوكرانيا تحت عنوان «الحرب على النازية» شىء آخر. بدا لى ذلك نموذجا صارخا عن كيف يتبع الإعلام الدولة التى يمثلها، بدا لى هذا الوصف نموذجا لكيف يضع الإعلام عصابة على عينيه ويسلم اقداره إلى الدولة حتى لو اقتضى ذلك منه تزييف الحقائق والقيام بعملية غسيل للأدمغة من أجل تسويق أهداف ربما إن لم يكن من المؤكد تبدو غير مقنعة حتى للقائمين على هذا الإعلام.

اعترف أننى رغم تفهمى للموقف الروسى واستيعابه دون أن يصل الأمر إلى حد تبنيه، وقد عبرت عن ذلك خلال مقالين عن الحرب الأوكرانية، بأن طرح الأمر على هذا النحو من قبل وكالة الإعلام الروسية أفقدنى شيئا من حالة التفهم تلك، بغض النظر طبعا عن قيمة أو مدلول موقفى وكونه لا قيمة له فى سياق أزمة بحجم ما يجرى فى أوكرانيا.

ولكى أكون منصفا، فإن الحرب الإعلامية ليست من جانب واحد بالطبع، وإنما تجرى وبإتقان على الجانب الآخر الغربى الذى يحاول أن ينسج لنا مما يجرى فى أوكرانيا بطولات للأوكرانيين قد ترتقى وفقا لرواياته إلى مستوى الملاحم التى قد يسجلها التاريخ.. كل ذلك من أجل رفع الروح المعنوية لأبناء أوكرانيا واستمرار صمودهم فى مواجهة الروس والاستحواذ على تعاطف الرأى العام العالمى ضد سياسات موسكو.

ما يمكن رصده فى هذا الصدد على صعيد الحرب فى اوكرانيا فيما يتعلق بمحور الإعلام ودوره كأداة من أدوات إدارة الحرب أو الأزمة من قبل أطرافها كثير، وربما يكون البعد الذى ركزت عليه وكالة «أر تى» هو الأكثر فجاجة، لكنه فى كل الأحوال أمر دال على محورية دور الإعلام على كل المستويات فى تشكيل العقول. ولعل ذلك يفسر أبعاد احتدام الصراع حوله بين أطراف أى أزمة أو صراع بغض النظر عن اختلاف الزمان أو المكان.

[email protected]