عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تأملات

لو أنه على مدار كل قرن، تقع مجموعة أحداث تشكل طابعا لهذا القرن على مستوى التأريخ له، لكانت الحرب الروسية الأوكرانية من بين ما يتم تسجيله باعتبارها حدثا مفصليا فى أحداث القرن الـ21. وبإيغال النظر فى التاريخ البعيد والقريب ربما يمكننا القول بثقة إن قرننا الحالى قد لا يشهد، لمن يعيش أحداثه، أمد الله فى أعماركم، سوى تطورين اثنين أو ثلاث مماثلين له.. بمعنى آخر إنه من الأحداث التى يمكن أن تعد على أصابع اليد الواحدة خلال مرحلة زمنية معينة.

حتى الآن وعلى مدار الـ22 عاما الماضية شهد العالم أحداثا ثلاثا من هذا النوع، كان أولها فى افتتاح القرن وتمثلت فى تفجيرات سبتمبر 2001 والتى كانت حدثا محوريا كان له تداعياته فيما بعد ممثلا فى غزو افغانستان والعراق واتساع النفوذ الأمريكى على مستوى النظام الدولى.

أما الحدث الثانى فلم يكن للإنسان دور مباشر فيه بشكل، وهو انتشار كورونا، والذى ماثل الإنفلونزا الإسبانية التى انتشرت فى العام ذاته من القرن الماضى، وقد ألقى هذا التطور بتأثير بالغ السوء على تطور العلاقات الدولية وكشف هشاشة التقدم الذى نحياه، وربما مثلت تأثيراته وسبل مواجهته من خلال إجراءات العزل حدث لم تواجهه البشرية من قبل.

لم نكد نفيق من كورونا، ونعيش ملامح الخلاص منها، حتى كانت مأساة حرب أوكرانيا والتى تماثل بشكل أو بآخر، مع بعض الاختلافات نتيجة تغيرات الزمن وتطور آلة الحرب، ما حدث من مقدمات انتهت إلى قيام الحرب العالمية الثانية، حيث يتماهى بوتين، وإن فى وسائل الإعلام الغربية على الأقل، مع هتلر، وتتشابه أهدافهما القائمة على توسيع مناطق النفوذ، وإن كان بوتين يركز على تلك التى تدخل فى نطاق المجال الحيوى لبلاده. وإذا كانت الحربان العالميتان شهدتا أكبر عملية إنزال بحرى وعمليات تحرك ميدانى عسكرى، فإن حرب أوكرانيا تشهد ما يمكن وصفه بأكبر عمليات إمداد بالأسلحة من أكبر عدد من دول الغرب الراغبة فى الحاق الهزيمة بروسيا، فى مقابل ملامح تحالف مضاد، على غرار تحالف المانيا وإيطاليا فى الحرب الثانية، يتشكل أساسا من روسيا والصين.

مشكلة تلك الحرب أنها ينطبق عليها بامتياز تلك المقولة الكلاسيكية التى تقرر أنك تستطيع أن تبدأ حربا، لكنك لا تستطيع أن تقرر نهايتها. هى حرب مفتوحة على كل الاحتمالات، حرب صراع الإرادات، إذا اردنا تقريب الصورة هى أقرب إلى مصارعة الأيدى «الرست». ولأنها كذلك، ولان كل طرف يسعى إلى فرض إرادته فإن أمدها سيطول، وحجم تأثيراتها الكارثية سيتسع يوما بعد يوم.

فالاقتصاد العالمى على رأس ضحايا تلك الحرب، وقد بدأت التأثيرات السلبية للحرب تظهر على اقتصاد الدول المتقدمة والتى ألحقت الضرر بنفسها من خلال العقوبات التى فرضتها على روسيا، ما يعنى فى التحليل الأخير أن العقاب للاقتصاد الدولى ككل وليس لدولة معينة، وارتفاع الأسعار أصبح هو النغمة السائدة على مستوى مختلف الاقتصادات، وليس فقط الاقتصادات الهشة للدول النامية، كما أن هناك نذر عملية لجوء بشرى ربما تكون حال استفحالها دون مبالغة، من كبرى العمليات فى تاريخنا المعاصر.

بعيدا عن لغة الأرقام ويستطيع القارئ أن يجدها فى تقارير مختلفة عن تأثيرات الحرب، فإن تطور العمليات العسكرية فى أوكرانيا وتداعياتها الاقتصادية الدبلوماسية والسياسية على مستوى علاقات الغرب مع روسيا ومحاولة استقطاب باقى دول العالم من جانب كل طرف من أطراف الأزمة، يشير إلى أن القادم أسوأ. إنها باختصار وكما قلنا من قبل حرب لن يكون العالم بعدها كما كان قبلها بأى حال من الأحوال!

[email protected]