عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نـور

 

 

> كانوا صائمين فانتصروا، وكانوا مخلصين لوطنهم ففازوا، كانوا منضبطين فهزموا عدوًا شرسًا، كان العلم والتخطيط أسلوب قيادتهم فتحقق الهدف وعبر الجنود القناة، ورفع البواسل العلم على الضفة الشرقية ورددوا هتاف الله أكبر وتحيا مصر.

> كانت حرب العاشر من رمضان، الموافق ليوم 6 أكتوبر 1973 نموذجًا جديدًا للمعارك الحربية، وأصبحت درسًا عسكريًا ومنهجًا فى كل المعاهد العسكرية فى العالم... تعالوا نستعرض خطوات الخداع الإستراتيجى، ودورها فى تحقيق النصر، ويكفى ان تعرف أن خوض الحرب، وقرار عبور قناة السويس، خلال شهر رمضان المبارك، كانت أهم خطوات الخداع، لأن إسرائيل كانت تستبعد عبور المصريين وهم صائمون.

> كشفت صحيفة « هاآرتس» الإسرائيلية، عن مراسلات بين وزير الدفاع الإسرائيلى خلال الحرب «موشيه ديان» ورئيس شعبة الاستخبارات بالجيش الاسرائيلى «ايلى زعيرا» تؤكد أن المخابرات العسكرية فشلت فى التنبؤ بالحرب...«ديان» طلب من «زعيرا» إعطاءه قرارًا.. هل ينوى الجيش المصرى شن حرب على إسرائيل أم لا؟ فكان الرد من قبل زعيرا هو «كل المؤشرات تؤكد أن الجيش المصرى لا ينوى فعل ذلك».

> الخبر يدعوك فورًا لإعادة قراءة تفاصيل خطة الخداع الإستراتيجى التى نفذتها مصر، للتعتيم على موعد الحرب والعبور.. ومن أفضل الحكايات التى يمكن أن  تستطيع الحصول عليها سردها الكاتب الشهير فى مجال روايات المخابرات والجاسوسية، نبيل فاروق، الذى كشف عن قصة «الخداع الإستراتيجى» وتنفيذها بحرفية ودقة غاية فى الروعة.

> يقول نبيل فاروق إن فكرة الخداع الاستراتيجى للعدو، بدأت مع قرار الرئيس الراحل انور السادات والقيادة السياسية، بضرورة خوض الحرب واستعادة أرض سيناء المحتلة، ولكن كانت المشكلة فى كيفية التحضير لعملية العبور، من دون ان يدرى بها العدو، فقد كان هم اسرائيل الأكبر، هو ان تعلم اذا ما كانت مصر ستحارب أم لا؟ تقرر توظيف جميع أجهزة الدولة فى خطة خداع اسرائيل، بالاضافة إلى الصحف ووسائل الاعلام، وكان أهم ما بالخطة هو السرية الكاملة التى أحيطت بها من البداية إلى النهاية، ويمكن تلخيصها فيما يلى:

1- اشترك السادات فى خطة الخداع، عبر اعلانه استمرار حالة «اللاحرب واللاسلم» مع العدو، وعدم اعلان وقت معين فى خطاباته للشعب المصرى للعبور، واسترداد سيناء كل ذلك خلق حالة من عدم المصداقية من الشعب المصرى فى قرارات وخطب الرئيس، بالاضافة إلى خروج الطلبة فى الجامعات فى مظاهرات ساخنة محتجين على الرئيس لاعتقادهم ان الجيش المصرى لن يحارب أبدا.

2- تم وضع خطة بسيطة، ومعقدة فى نفس الوقت، لادخال الطلمبات التى سيستعملها الجنود المصريون فى عمل ثغرات فى الساتر الترابي، الذى أقامه العدو لعدم عبور القوات أو الدبابات والمدرعات المصرية، فأعلنت وزارة الزراعة انها ستستورد هذه الطلمبات من الخارج، بحجة استغلالها فى نظام الرى للأراضى الزراعية.

3- خلال دراسة خطة الخداع، وجد رجال المخابرات المصرية، ان استيراد شحنات ضخمة من القمح، لتكون مخزونا احتياطيا أثناء الحرب مع اسرائيل سيجعل العدو يشك فى الأمر، ويستنتج اننا نستعد للقيام بعملية حربية، ووضعت خطة عبقرية، فاعلنت وزارة التموين فساد مخزون القمح الموجود فى مخازنها، نتيجة حدوث رطوبة للقمح وسوء التخزين.. وتصدر الخبر عناوين الصحف المصرية، وقامت الدنيا ولم تقعد، وطالب الكتاب والصحافيون بمحاسبة المسئول عن ذلك، واتخاذ التدابير اللازمة لتلافى خطر حدوث أزمة فى الرغيف المصري، واتخذ المسئولون المختصون قرارا باستيراد صفقات بديلة من القمح، وبكميات ضخمة من الخارج، لتعويض مخزون القمح الفاسد.

4- كانت عملية توفير أماكن العلاج للمصابين من الجنود، الذين قدر الخبراء انهم سيبلغون «50 فى المئة» فى موجة العبور الأولى، تتطلب ان يتم اخلاء عدد من المستشفيات المدنية حتى يمكن استقبال هذا العدد من الجرحى الذين لن تستوعبهم مستشفيات القوات المسلحة وحدها.. ونفذت الخطة بعد «7» ساعات فقط من وضعها، فتم تسريح ضابط طبيب من الخدمة العسكرية، وأعيد إلى الحياة المدنية، وتسلم وظيفته السابقة فى وزارة الصحة، وتم تعيينه فى مستشفى الدمرداش «بالقرب من وسط العاصمة»... وبعد أسبوع تقدم بمذكرة إلى المدير ذكر فيها ان العنابر ملوثة بميكروب التيتانوس، وتم اجراء فحص شامل على العنابر، وجاءت النتيجة ايجابية، وان المستشفى ملوث بالرغم من انه كان خاليا تماما من أى ميكروب.. وتم اخلاء المستشفى من مرضاه لتطهيره من التيتانوس، ولكن كان يجب ان يتم اتباع وسيلة أخرى، عن طريق اثارة الأمر فى الصحف، وتهييج الرأى العام، وتم الأمر بواسطة أحد الكتاب -المعروف بمقالاته الملتهبة- فاستنكر ما حدث فى مستشفى الدمرداش بسبب الاهمال والاستهتار بأرواح المرضى، ثم تساءل: اذا ما كان الأمر يقتصر على «الدمرداش» أم ان الإهمال طال بقية المستشفيات؟ ومع ردة الفعل الجماهيرى الغاضبة، أصدرت وزارة الصحة قرارا بإجراء تفتيش على بقية المستشفيات، وتم اسناد المهمة إلى نفس الطبيب فى مستشفى الدمرداش، وأجرى التفتيش على عدد من المستشفيات ومع أول أكتوبر «1973» كانت جميع المستشفيات المطلوبة خالية من المرضى نهائيا.

> رحمة الله على شهداء الوطن، أبطال الجيش المصرى، الذين فقدوا حياتهم، ومازالوا يقدمون التضحيات من اجل حماية الشعب والأرض والحدود، وتحية إلى الرجال الذين مهدوا الطريق للجنود قبل العبور.

[email protected]