عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حتى نلتقي

 

 

كيف تعاملت السينما المصرية مع أقدس شهر لدينا نحن المسلمين؟ هل قدمت طقوسه بما يليق؟ وهل استقبل الناس صورة الشهر الكريم فى السينما بترحاب أم امتعاض؟ ثم هل تعاطفوا مع هذه الصورة؟ هل انفعلوا بها وأحبوها؟

قبل أن أجيب هناك ملاحظة بالغة الأهمية ينبغى تحريرها، وهى أن الطقوس الدينية فى مصر مرتبطة أشد الارتباط بالإبداعات الفنية، سواء حدث ذلك فى الحضارة المصرية القديمة، أو فى الحقبة المسيحية المفعمة بالترانيم الكنسية وهى (فن موسيقى) خالص، ومع دخول الإسلام وانتشاره فى أرض النيل، أبدع المصريون فنون تجويد القرآن وتلاوته بما تحتويه من إيقاعات ومقامات موسيقية. إذ لا وجود ليوم (مقدس دينيًا) فى مصر خاليًا من نفحات فنية سواء فى الموسيقى والغناء أو فى النحت والرسم، ثم التمثيل والمسرح والسينما بعد ذلك، وأخيرًا، نتابع منذ عقود مسلسلات رمضان فى الإذاعة والتليفزيون، فالناس فى المحروسة تصوم وتصلى وتتهجد وتتلو ما تيسر من القرآن الكريم فى نهارات رمضان، ثم تستمتع بالفن وحلاوته فى لياليه المباركة!

ولكى أؤكد لك كلامى، تعال نستذكر معًا، لنعى أهمية الفن وضرورته، ما قاله المذيع بلغة عربية فصحى واضحة وهو يقدم فى الإذاعة المصرية حفل أم كلثوم الذى تغنت فيه بتحفتها الخالدة (قصة الأمس)، فى عام 1958 تقريبًا، يقول الرجل: (سيداتى وسادتى مساء الخير.. نحييكم من مسرح حديقة الأزبكية بالقاهرة لنقدم لكم الحفلة الشهرية التى تقدم فيها إذاعة الجمهورية العربية المتحدة من القاهرة كوكب الشرق السيدة أم كلثوم. أقبل الكثيرون إلى هذا المسرح.. لسماع أم كلثوم فى هذا الحفل الساهر الذى نقضى معه جميعًا الليلة سهرة طيبة...سهرة من السهرات التى تقدمها إذاعة الجمهورية المتحدة لمستمعيها لتدخل إلى قلوبهم الفرحة والبهجة والنشوة فى هذه الليلة الطيبة المباركة من ليالى شهر رمضان الكريم). أرأيت؟ الفن ضرورة قصوى ليهب الناس (الفرحة والبهجة والنشوة)، حتى وهم سابحون فى نهر الشعائر الدينية المقدسة. لاحظ أن (قصة الأمس) ليست قصيدة دينية، وإنما قطعة شعرية مترعة بالحب والعتاب والهجر والغدر وتجرع أقداح الخمر (يسهر المصباح والأقداح والذكرى معي)، ومع ذلك تعامل المصريون مع هذه الأغنية التى عطرت ليالى رمضان بكل مودة وسماحة وإعجاب.

أما السينما، فقد احتفت بالشهر الكريم مرات عديدة، لكنى سأكتفى بذكر فيليمن من كنوزنا السينمائية حضر خلالهما الشهر المبارك بقوة. الفيلم الأول هو (العزيمة)، الذى أخرجه كمال سليم وعرض فى 6 نوفمبر 1939، ولعب أدوار البطولة حسين صدقى وفاطمة رشدى وأنور وجدى وزكى رستم وعباس فارس وعبدالعزيز خليل وعمر وصفى (الذى لعب دور الحلاق والد حسين صدقى وهو من رواد التمثيل فى مصر).

فى هذا الفيلم تتجلى طقوس الشهر الفضيل من خلال مرح الأطفال وهم يتجولون فى الحارة ليلا حاملين الفوانيس ويغنون (وحوى يا وحوي)، ومن ضمن هؤلاء الأطفال شقيق فاطمة رشدى، التى تقف فى البلكونة منادية عليه لينهى اللعب ويصعد، لكن الطفل يأبى ويعاند، فتهدده بالنزول وإمساكه بالقوة، وهنا يمر مصادفة حبيبها وجارها حسين صدقى، فترجوه أن يمسك الطفل وهو ما حدث، ثم يلتقى البطلان على السلم الداخلى للبيت، ليتبادلا الغرام خلسة، فيشتعل قلباهما باللهفة، وتلتقى الشفاه فى قبلة ساخنة خاطفة فى ليلة رمضانية، ومع ذلك تلقى جمهور ذلك الزمان هذا المشهد بروح متسامحة، ولم يعترض أحد.

الفيلم الثانى هو (فى بيتنا رجل) لعمر الشريف وزبيدة ثروت ورشدى أباظة وحسين رياض والذى حققه المخرج (المسيحي) بركات، وعرض فى 17 أبريل 1961، وهو فيلم يحتشد بمشاهد متنوعة جميلة ترصد بذكاء تفاصيل الشهر الكريم.

وكل عام وأنت طيب.