رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تأملات

قبل أن تقرأ.. ليس فى هذه السطور أى هزل أو سخرية أو حتى محاولة لما قد يتصوره البعض نوعا من أنواع الاستظراف، وإنما هى جادة كما عودك صاحبها وإن امتزجت بطعم الواقعية المرة. ولعلى أبدأ فى تفسير عنوان المقال من الآخر، آخر ما حدث، وليس الآخر بالمعنى الدارج العامى لدينا، والمتمثل فيما بدا من دور حاولت إسرائيل لعبه فى الأزمة الروسية – الأوكرانية رغم كافة المظاهر التى تشير إلى أنها لم تؤتِ أُكلها ولم يعول عليه الكثيرون آمالا ذات قيمة.

سواء لعبت إسرائيل هذا الدور من ذاتها، وهو أمر مشكوك فيه أم بالدفع من الخلف وهو الأكثر احتمالا، فإنه يشير إلى المكانة التى أصبحت تحتلها الدولة العبرية على الصعيد الدولى، دون أن يكون فى هذا التوصيف ما قد يراه البعض نوعا من الانسحاق أمام العدو! حينما بثت فضائية ذلك النبأ راح جليسى يذكر بعفوية أنها الولايات المتحدة فى ثوب إسرائيل! ذكرنى ذلك بما كنت قد كتبته من قبل وأشار إليه آخرون من سبب اعتبار البعض وأكثرهم عرب، إسرائيل البوابة الملكية للعبور فيما وراء المحيط.. إلى الولايات المتحدة. ساعدنى ذلك على استيعاب بعض فصول مسرحية اللا معقول التى تعرض فى فضاء منطقتنا العربية وتتحدث عن تحول إسرائيل من خانة العدو إلى خانة الحليف.. سواء كان واقعيا أو محتملا!

قد لا تصدق إذا قلت لك إننى أسطر هذه الكلمات وأنا فى قمة الحرج من الانطباع الذى قد يتولد لدى بعض القراء وغير القراء ممن قد يكونون يتابعون توجهات الكتّاب العرب، من أنه ما زال هناك من يتحسب من اعتبار إسرائيل عدوا واستهجان النظر إليها كحليف، واحتمال اعتبارى مغيّبا عن الواقع أو أننى من أهل الكهف ولا أدرى بما حدث على صعيد المنطقة من أحداث خلال سنين عددا! الأكثر مدعاة للخجل وشعورى بخيبة الأمل هو تصورى أننى يجب أن اخفى هذه المشاعر باعتبار أن مقام أجواء العلاقات العربية العربية، والعربية الإسرائيلية يفرض أن تكون مثل هذه التصورات ضمن المسكوت عنه فى أذهاننا!

صحيح أننى كنت قد تناولت هذا الأمر من قبل وحاولت تقديم تحليل واقعى ومنطقى لمبررات تحول وضعية إسرائيل فى وعى قياداتنا العربية، ولدى قطاع غير محدود من الجماهير العربية، فى ضوء حقيقة أن «الزن على الآذان أمرّ من السحر»، غير أننى أزعم أن خيال أى أديب عربى بمن فيهم كبيرنا نجيب محفوظ ربما لم يكن يمكن أن يصل إلى حد ما نراه على أرض الواقع من تحول الخطوات الإسرائيلية فى ارضنا العربية، لتكون أشبه بـ«حركة السكين فى قطعة الجاتوه!».. سهلة وميسورة وتشيع حالة من الفرحة بسرعة الالتهام!

وحتى لا تتهمنى ببث مشاعر الكراهية أو بالعداء للسامية، فأنا أرى أن اليهود كيهود أبناء عمومتنا وعلى، العين والرأس، كلمات من قبيل التقية ليس إلا. ما يشعرنى بالانزعاج أن ذلك يتم فيما حقوقنا العربية ضاعت بدءا من فلسطين التى دخلت طى النسيان وليس انتهاء بالجولان التى تم ضمها وشبعت ضما. أصحاب الرؤى «الوقوعية» العربية والكثير منهم فى مقاعد المسئولية يرون أننا يجب أن نستوعب التحولات وأن إسرائيل لم تعد نغمة نشاز... وهذا بالمناسبة وفى بعض الأحيان صحيح، فليس فى العلاقات الدولية صداقات دائمة أو عداوات دائمة، ولكن لنزاعنا مع إسرائيل خصوصية، ليس مجال تفصيلها هنا، وإنما ملخصها هو اغتصاب أرض واقتلاع شعب وزرع شعب آخر محله. ولعل خير رد على المنهج الوقوعى العربى هو الأزمة الروسية - الأوكرانية التى صدرنا مقالنا بالحديث عنها، فهى حرب على مناطق نفوذ.. تخيل وليس على مناطق حقوق.. بهذا الفهم للعلاقات الدولية يكون للأمم قيمة بين نظرائها وليس بمنطق التهاون العربي!

[email protected]