رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مكنونات الثقافة المصرية:

 

 

 

«وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا». (الآية 67 الأحزاب). قال المفسرون إن «سادتنا» تعنى الأشراف، «وكبراءنا» هم العلماء الذين نعتقد أنهم على شيء، وهم ليسوا كذلك.

هؤلاء المضللون أعظم خطرا على الأمة من الدجال الذى يظهر فى آخر الزمان. فقد أخبرنا النبى صلى الله عليه وسلم عن عظيم خطرهم، وجليل ضررهم. لأنهم يلبسون على الناس باسم الدين، محرفين كتاب الله وآياته، مستغلين سلطانهم على الناس؛ لأنهم يتكلمون باسم الدين، والناس بطبعها ميالة لدينها، واقعة تحت تأثير إيمانها، فينساقون وراءهم ظنا منهم أنهم على الحق، وهم على الباطل.

والمضللون فى زماننا هذا كثر، منهم بعض شيوخ الفضائيات، والمفتون بغير علم، الذين يعتقد المشاهد أنهم على شيء، وهم ليسوا على شيء، وبعض الحكومات تضلل شعبها، وتخدعه، وتهوى به إلى الفقر والقهر، وبعض الجماعات مضللة بدعوتها إلى التطرف والعنف تحت ستار الدين، ونائب البرلمان الذى يعد أبناء دائرته بالخير وتلبية مطالبهم، ثم ينصرف عنهم بعد حلفه اليمين، هو من المضللين. والمسؤول الذى يماليء السلطة على حساب المواطنين هو من المضللين، ومالك الهواء فى الفضائيات الذى يطبل للسلطة ويكذب على جمهوره هو من المضللين.

هؤلاء رؤس الفتنة، وأئمة الضلالة، والحياد بالناس عن طريق الحق والدين والهداية، «وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار» (القصص 41). روى الطبرانى فى الكبير، والبزار بسند صحيح عن عمران بن حصين قال: سمعت النبى صلى الله عليه وسلم يقول: إن أخوف ما أخاف على أمتى كل منافق عليم اللسان.

هؤلاء لا يعلمون أن العلم لا يُطلب للتعالى على الناس، ولا للتجمل والتباهى به بين الخلْق، وإنّما هو وسيلة إلى البِرِّ والتقوى. قال الثَّوري: «إنَّما يُتَعَلَّمُ العلم ليُتَّقَى به الله»، وقال: «زَيِّنوا العلم، ولا تَزَّيَّنُوا به». وقال أُبَيّ بن كعب: «تَعَلَّمُوا العلمَ واعْمَلُوا به، ولا تَتَعَلَّمُوه لتَتَجَمَّلوا به، فإنَّه يوشك إنْ طالَ بكم زمانٌ أن يُتَجَمَّلَ بالعلم كما يَتَجَمَّلَ الرَّجل بثوبه».

رحم الله الإمام ابن القيم حين قال فى كتابه الفوائد: «علماء السوء جلسوا على باب الجنة يدعون الناس إليها بأقوالهم، ويدعونهم إلى النار بأفعالهم، فكلما قالت أقوالهم للناس: هلموا؛ قالت أفعالهم: لا تسمعوا منهم، فلو كان ما دعوا إليه حقا كانوا أول المستجيبين له، فهم فى الصورة أدلاء، وفى الحقيقة قطاع طرق».

فإذا فسد العالِم فسد بفساده خلق كثير. فالعلماء للناس كالسفينة فى البحر، إذا غرقت غرق كل من فيها. وهم فى الناس كالملح فى الطعام إذا فسد هذا فسد ذاك.

ورحم الله علماء الحق والأئمة بصدق، ورضى عنهم، أمثال الشعراوى أمام الدعاة، وعبد الحليم محمود إمام الزاهدين، ومحمد الغزالى الأديب الداعية، وحسن العطار مجدد الأزهر، ومحمود شلتوت الإمام الأكبر وإمام التقريب. وغيرهم من الذين كانوا للأمة مصابيح دجاها وأنوار هداها، لقد حفظ الله بهم الأمة، وأعز بهم الدين والملة. فهم أصحاب المقام السامق، والأثر الفائق.

وحسبنا الله فى مستشيخى هذا الزمان، وأبواق السلطة والإعلام، الذين يسعون لتضليل الأمة، ونتضرع إلى الله أن ينقذنا من ضلالاتهم، وحسبهم دعوة أتباعهم يوم القيامة: «رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا»، (الآية 68 الأحزاب).