رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ندى

 

بعد لحظات من التردد والدهشة أيقنت أنه لا بديل عن مواجهة «عضة الكلب الخائن» إلا بالعلاج خاصة أن الحقائق تؤكد أن داء الكلب أو «السعار» يسببه نوع من أنواع الفيروسات يهاجم خلايا المخ والجهاز العصبى للجسم ويؤدى إلى حالة شديدة من التشنجات وسرعان ما يقود صاحبه إلى الموت.

وبما أننا لا نعرف هل الكلب مصاب بالسعار أم لا، فالمصل هو الحل, وبعد بحث سريع عن أماكن وجود «مصل الكلب» اهتديت إلى مستشفى الهرم القريب من منزلى, والحقيقة أننى كنت أشك فى وجود المصل به, فجهزت سيناريو آخر للتعامل مع الكارثة التى وضحت معالمها وخطورتها وأصبح من الضرورى سرعة احتوائها.

ذهبت إلى استقبال المستشفى – وما زال الشك يساورنى – وأخبرتهم بأننى «معضوض» فطلبوا بعض الأوراق الروتينية مثل البطاقة وغيرها, وبعد دقائق معدودة حصلت على المصل مجاناً, ومع الجرعة الأولى تسلمت جدولاً بمواعيد الجرعات اللاحقة, فخرجت من المستشفى مليئًا بالسعادة, رغم الألم الذى بدأ يشتد ربما بعد أن دخل «الموضوع فى الجد», وأحسست أنه «لسه فيها حاجة حلوة», وحدثت نفسى بأن هذه الخطوة الإيجابية لابد من تسليط الضوء عليها, فهذا حق وزارة الصحة – على الأقل- فى حالة الأمصال التى توفرها بالمجان وتيسر الحصول عليها, وقلت فى نفسى أجرى اتصالاً بالمستشفى وأحصل على المعلومات اللازمة للكتابة, مثل تاريخ إنشاء هذه الخدمة, وعدد المستفيدين منها يومياً وهكذا, ففوجئت بأن أرقام مستشفى الهرم المدونة على صفتحه الرسمية على «فيسبوك» لا ترد.

 أرسلت رسالة أوضح فيها هويتى وأطلب التعاون, فجاءنى الرد بعد ساعات طوال برسالة مفادها لـ«التواصل أو الاستفسار اتصل على الأرقام التالية», وبما أنها نفس الأرقام فضلت الذهاب إليهم فى موعد الجرعة الثانية, وتوجهت إلى مكتب مدير المستشفى، فأرسلتنى مديرة مكتبه إلى العلاقات العامة التى أعادتنى ثانية للمديرة, وأيقنت أن «البيروقراطية البغيضة» ما زالت تعشش فى جميع الأماكن الحكومية, ومستحيل التخلص منها, حتى لو أردت أن تمتدح خطوة إيجابية فلن تستطيع الحصول على المعلومات اللازمة.

 فقررت الذهاب لأخذ الحقنة الثانية, ففوجئت بأن المصل «خلصان» هكذا كان الرد, فماذا أفعل؟ كان هذا هو سؤالى المنطقى, فجاء الرد اذهب إلى أى مكان آخر مثل مستشفى أم المصريين, وسألت ثانية هل يوجد به المصل, فكان الرد «أنت وحظك» فطلبت من مديرة مكتب رئيس المستشفى الاتصال بهم لسؤالهم قبل الذهاب إليهم, فقالت «ليس لنا تعامل معهم», ونصحتنى بأن أتوجه إلى نائب المدير لعل عنده حلاً, وبالفعل توجهت إليه فأكد لى أن المصل سيأتى بعد ربع ساعة, فقفز فى ذهنى «الروتين القاتل», «تأتى الطلبية», ثم تسلم إلى مندوب, ثم تدخل المخازن, ثم تصرف, فذهبت إلى الاستقبال خاصة أن الحكيمة أخبرتنى بأن المصل موجود ولكن للجرعة الأولى فقط, ولكنى اكتشفت أن المصل غير موجود فى أى مكان فى المستشفى, وأن كلام الحكيمة على اعتبار أن الاستقبال لا يخلو من المصل, هذا ما أكده لى طبيب الطوارئ الشاب محمد يحيى, الذى نصحنى بالمرور عليه بعد الظهر, وأعطانى رقم هاتفه المحمول للتواصل, ومسح بحسن استقباله ودماثة خلقة بعض ما ألم بى من امتعاض.

 وبالفعل عاودت الذهاب إلى المستشفى وحصلت على الجرعة الثانية بمساعدة الطبيب الإنسان الذى لم يتحرك- كما أخبرنى- من الاستقبال طوال هذه الساعات الطوال التى غبت عنه فيها, يقدم خدماته الطبية بمنتهى الأمانة والمهنية, وقبل ذلك الإنسانية التى أصبحت عملة نادرة, ولكنها من صميم عمل طبيب الاستقبال, لأنه يستقبل الحوادث والحالات الطارئة التى يأتى معها على الأقل ثلاثه أفراد يريدون جميعاً الاطمئنان على مصابهم, ويطرحون عشرات الأسئلة التى تحتاج إلى «كونسلتو» لإجابتها, ويريدون من يواسيهم ويخفف عنهم ويهون عليهم, وهذا ما يفعله «يحيى» طواعية.

[email protected]