رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الشعب يريد:

 

 

 

 

 

اللهم لا نسألك رد القضاء ولكن نسألك اللطف فيه.. اللهم خفف عنا واعف عنا، فإنك كريم حليم عفو تحب العفو.. سوف تحل علينا ذكرى الإسراء والمعراج المعجزة التى علمت العالم كله.. ملتقى الأنبياء ورمز التسامح بين رسالات السماء.. أدعوك يا رب أن تلطف بنا جميعاً وتحمى مصر المذكورة فى القرآن ومهبط رسالات السماء وأرض الأنبياء.. اللهم احفظها واكفها شر حفنة من أبنائها ضلوا الطريق وأحبوا المال حبًا جمًا وخانوا الأمانة وتخلوا عن الرسالة.. وبالتوازى نفقد القمم العلمية والدينية ورموز التسامح والعطاء.. فأنا لا أخاف عليها من غزاة أو محاربين إنما أخاف عليها من أبنائها فهو وجع القلب.

ويكاد يجف قلمى وأنا أنعى أسبوعياً شخصيات لن تتكرر ونطمع من الله عز وجل أن يعوضنا عنهم خيراً.

أنعى رجل دين مسيحياً كاثوليكياً، أستاذ الدراسات الإسلامية بآداب القاهرة القيمة والقامة والهالة النورانية التى تشع علماً وأدباً وعطاء وبهجة ومشاركة لأبناء شبرا والتى رفض أن يتركها لأنها نموذج مصغر لملتقى الأديان وتمثيل حى لمصر الأرض والنيل والحضارة.

أبونا يوحنا عرفناه من بصماته على مدارس الراهبات بنين وبنات.. عرفناه فى مناسبات صيام وأعياد الطائفة الكاثوليكية.. وكنا جميعاً ننتظر دعوة الأستاذ جورج إسحاق مدير مدارس التوفيق القبطية لحضور حفل إفطار رمضان بدير هليوبوليس، وكنت أذهب قبل صلاة العصر وأسعد بسيستر جورجيت قدّس الله روحها ومعها كوكبة من الراهبات يعددن لنا ورق العنب والإفطار الرائع وأقدم لهن الورد وأنعم بقضاء يوم من أسعد الأوقات وأستمع لتجارب معجونة بماء النيل وطمى المحبة من الأرض الغالية مصر من جنوبها لشمالها وكأنها دائرة يحرسها الله عز وجل مركزها الأديان والحب والمساواة بين أبنائها لأن أصلهم واحد وبين القلب ومركز الدائرة نصف قطر متساوٍ عشنا هكذا ولم يظهر ملحدون ولا ناقص الخلق والأدب وفقر النشأة مالياً وخلقياً وعلمياً.

كان اللقاء يضم كل الاتجاهات السياسية ولا أنسى «قفشات» أستاذنا صلاح عيسى «تعملوا البط عشان سعاد أبوالنصر فى العزومة» وعندما يأتى كباب ساخن فتقدمه سيستر جورجيت أولاً مؤكدة أن أتذوقه بعد صلاة المغرب والتى تفرش سجادة الصلاة مضبوطة على القبلة كما فعلت فى صلاة العصر.. ويرد أ. صلاح عيسى قائلا «لا» ده تحيز فيقول أبونا يوحنا هى تستحق كل الخير وأرد عقب خروجى للمعاش سوف أحضر «شنطة هدومى» وأقيم معكن، ويضحك أبونا يوحنا مؤكدًا أننى «قدها» ويرد جورج إسحاق «الحمد لله هيطلعوا من الدير وتبيعه إن شاء الله لأنها دمياطية.. خدوا بالكم محدش سيقف معكم، لأن أنا وأبونا يوحنا معها على طول الخط»، ويضحك الجميع وسط نفحات علمية زكية راضية من أبونا يوحنا ونسهر يومها ونصلى التراويح ويتسابق الجميع من يقوم بتوصيل أبونا ويرد باعتزاز يسعد أبناء شبرا ويخصهم فقط قائلا «الست سعاد أولى بتوصيلى لأنها جارتى والنبى وصى على الجار وسابع جار وكل من له نبى يصلى عليه» وأسعد خلال الطريق وأنا أتلقى جرعة علمية تاريخية لا أنساها وأتذكرها بكل الحب والرضا وعلى باب الدير أنتظر داخل السيارة ليهدينى أبونا مظروفا كبيرا به «بخور حب» هكذا اسمه يكفينى حتى أزوره بمكتبه وأتلقى كتبه القديمة والتى لا تعوض ولا أخفى سعادته عندما قال سأهديكِ هذا الكتاب الصادر قريباً وللأسف مطبوع بدولة أخرى وقلت له قرأته واشتريته من لبنان منذ عامين وكانت سعادته مؤكدًا «تقدم مصر فى ثقافة أبنائها وتجدين كل مسلم مثقف قرأ الإنجيل والديانة اليهودية حتى يتعامل مع البشر ومعظم المسيحيين المصريين دون غيرهم من الديانات يحفظون القرآن، إنها أرضية نرتكز عليها لنحيا العلم والثقافة والمعرفة مفتاح التنمية لو يعلمون»، كان عليه رحمة الله عضواً بالجمعية التأسيسية قبل ثورة 30 يونيو وكنا نلقاه كثيرا كإعلاميين ولم يكن يتحدث كثيرا وعندما أسأله لماذا لا يتحدث يرد «الحالة زى تعبيرك القلب موجوع.. مصر تعانى» وما حدث فى يناير 2011 ترك لمحة حزن لم تفارق أبونا يوحنا حتى وفاته.. اللهم قدس روحه وارزق مصر بقامات جديدة أمثال د. الشعراوى وأبونا يوحنا وأبونا أرساليوس زكى والأب مكارى «د. أديب عبدالله» جارى العزيز وارزقنا قامات دين مثل الشيخ عطية صقر ود. محمد عمارة ود. المسير ود. الدفتار والعالم الأكبر د. عبدالحليم محمود وكثيرين نحيا على ذكراهم ونشعر بفقدهم وندعوك فى ذكرى الإسراء والمعراج أن ترسل لنا أئمة وقسيسين مثلهم وعلى نهجهم وبتسامحهم وعلمهم.. الله آمين.

وكل عام ومصر والمصريون بخير وأمان.