رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أوراق مسافرة

لا أعرف من الذى أشار له أن يأتى مستنجدًا بجريدة «الوفد» لسان حال بيت الأمة، وأن يقصد مكتبى، فبالكاد يمكنك أن تفهم ما يقوله أو يقصده، ابتلاه الله فى ذكائه لينخفض إلى نصف معدل من فى سنه من الأشخاص الطبيعيين«تسعة وأربعون عاما»، وابتلاه فى لسانه الثقيل الذى تخرج منه الكلمات ملتصقة أو مبعثرة، بجانب جسده النحيل الهزيل ومظهره الفقير البائس، يحمل بين يديه النحيلتين رزمة من الأوراق: يا أستاذه أنا تعبت. وتنهمر دموعه غزيرة.

ولا يملك أى إنسان مهما بلغ ثباته الانفعالى إلا أن تهتز مشاعره ويضطرب قلبه ويدمع أمام قصته «كعب داير» أو دوخينى يا ليمونه والتى يخوضها منذ عامين وحتى الآن، للحصول على حقة الذى كفلته الدولة، حقه الذى أوصى به السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى فى كل مناسبة لرعاية ذوى القدرات الخاصة، المعاقين، المعاقين يا سادة بدنيا أو ذهنيا، والتيسير عليهم فى الحصول على حقوقهم أو الامتيازات التى كفلتها لهم الدولة مشكورة، ومنها بطاقة الرعاية المتكاملة، والتى أشرت فى مقالى السابق إلى أنها تمنحهم تخفيضات وخدمات مجانية فى الكثير من متطلبات الحياة.

وما فهمته من سلامة محمد مكاوى خلف ولسانه المتلعثم، انه «داخ» على مدى سنتين من الجيزة لـ «أوسيم» حتى يحصل على بطاقة الخدمات المتكاملة، بذل عشرات المحاولات لتسجيل الطلب على موقع وزارة التضامن، وللأسف دائما الموقع مغلق ومعطل، ويهمنى هنا أن أؤكد، أن الشخص السليم العادى يعانى كثيرا فى التعامل مع المواقع الإلكترونية الخدمية، فما بالك بشخص معاق ذهنيا أو حركيا، هل يمكن تصور مدى المعاناة التى يواجهها، خاصة إذا كان الموقع الإلكترونى المنشود معطلًا، وبه تعقيدات فى التعامل فنيًا، ومع كثير من الألم والصبر، نجح أخيرا فى الاستعانة بأحدهم وسجل له الطلب، وتحدد له بعد فترة انتظار طويلة كان خلاله موقع تحديد المواعيد لوزارة الصحة أيضا معطل، ومع مزيد من الألم والانتظار والصبر، تحدد أخيرًا موعد للقومسيون الطبى تبع «أوسيم» جيزة، وتمت عملية الكشف الطبى عليه، وأثبت الكشف نسبة ذكائه المنخفضة والمطابقة لاشتراطات الحق فى الحصول على بطاقة الخدمات المتكاملة، وبعد حصوله على الكشف الطبى كان عليه تسجيل نتيجة الكشف من خلال موقع وزارة التضامن أيضًا.

وهنا عدنا إلى مربع المعاناة، الموقع معطل، وعم سلامة المسكين رايح جاى على مكتب «أوسيم» ليسأل كيف يمكنه التغلب على مشكلة تعطل الموقع لتسجيل نتيجة الكشف الطبى، وإجابة الموظفين بمكتب أوسيم للقومسيون الطبى: لا يوجد لدينا أى حل، ليس بأيدينا أن نتسلم أى أوراق يدويا، على طالب الخدمة أن يسجلها بنفسه على الموقع، يا إخوانا يا عالم ياهو الموقع معطل، المهم وأخيرًا أيضا اشتغل الموقع الميمون، وسجل له أولاد الحلال نتيجة الكشف الطبى.

وهنا تأتى الحلقة الأهم من سلسلة التعقيدات الإلكترونية، والتعقيدات البيروقراطية، عليه الانتظار حتى يتم الموافقة من جهة التأهيل، لقبول كشفه الطبى، وبالتالى إرسال موافقة لجنة التأهيل إلى التضامن الاجتماعى، ومن ثم الانتظار ثلاثة اشهر حتى يتم إصدار البطاقة بعد الموافقة، عم سلامة له عامان فى هذا الموال، ولم يصل إلى نتيجة، ولم تتلقف أصابعه المريضة المرتعشة الخطاب الموعود وبه البطاقة السحرية.

وجاء للوفد مسربلًا بالألم والغضب والعجز، وبكى كثيرا وهو يقول: أعمل إيه يا أستاذه، أنا تعبت ومش عارف اعمل إيه، ورايح جاى مواصلات، وانا معنديش اصرف، وعندى عيلين تعبانين وواحد منهم معاق، اعمل إيه؟.

وبدأت معه الكعب الداير، سواء تنقلات أو تليفونات، قال لى موظفون بمكتب أوسيم للقومسيون الطبى إن اسمه لم يرد فى كشوف الموافقة، والأمر لا يزال معروضًا على لجنة التأهيل، وذهبت إلى وزارة التضامن الاجتماعى، وهناك كان الاستقبال الطيب وإبداء الروح العالية للتعاون، ولكن جاءت الإجابة مفاجئة، أن اسمه غير موجود أصلًا، على موقع تقديم الطلبات للوزارة، يا نهار، إزاى يا جماعة، فى القومسيون بأوسيم أخبرونى أن اسمه أدرج فى الكشوف، وان كله تمام.

وهكذا، بدأت معه الرحلة منذ نهاية العام الماضى، وحتى الآن بين قومسيون أوسيم، وبين وزارة التضامن، عم سلامة محمد مكاوى خلف، بطاقة رقم 27303062101177 لسة كعب داير وأنا معه للحصول على حقه، وللحديث بقية.

---

[email protected]