رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي

 

الإنسان متدين بطبعه وفطرته، ينزع إلى قوة غيبية أو روحية يرى فيها خلاصه، ويستمد منها جزءاً كبيراً من قيمه ومبادئه، يدين لها بولاء ما، ولا يمكن للإنسان أن ينزع إلى الخواء الروحى لفترة طويلة مهما كانت درجة إلحاده، وإلا حاصره الاكتئاب والعقد النفسية، وأن تمسح بمسوح السعادة.

فالتدين- أياً كان اتجاهه- فطرة، والتدين الصحيح هو الفطرة التى فطر الله تعالى الناس عليها، وأى انحراف عن مستوى الدين الصحيح هو انحراف عن طريق النجاة، وإن كان من خلل فى تفكير بعض المحسوبين على تيارات التدين السياسى، فإن ذلك لا يمكن أن يؤخذ على أنه خلل فى مسار الفكر الدينى.

وإذا كنا نبحث عن المسار الصحيح، فلابد أن نرجع إلى العلماء المستنيرين من أهل الاختصاص، وألا نعمم الأحكام على الناس بالانغلاق أو سوء الفهم أو ضعفه أو عدم القدرة على مواكبة العصر، وإن كنا نستشعر- بل نوقن- أننا فى حاجة إلى المزيد من بذل الجهد فى التدريب والتطوير والتحديث والعمل على معايشة الواقع ومواكب العصر.

وينبغى ألا نقع فى أخطاء العقود الماضية، فنخلط بين محاربة التطرف ومحاربة التدين، والنظر إلى المتدينين على أنهم المتطرفون لأننا إذا ضيقنا على علماء الدين المتخصصين أو أسرفنا فى تعميم الأحكام أو الإقصاء من المشهد الثقافى، أفسحنا المجال أمام الفكر المتطرف ودعاة التشدد والغلو من خلال تنظيماتهم السرية وإغراءاتهم لاجتذاب الشباب إلى صفوفهم، مؤكدين أن شعباً بلا دين هو شعب بلا قيم، شعب بلا أخلاق، شعب بلا ضمير، شعب ينزع إلى عالم آخر غير عالم الحضارة والرقى، وأن الدين هو الغذاء الحقيقى للروح وللأمم وللحياة وللحضارة وللقيم والأخلاق ولإذكاء الضمير الإنسانى وللأمان النفسى، ولتنظيم كثير من حركة حياة الأفراد والمجتمعات فى ضوء قواعده العامة ومقاصده الكلية.

إننا فى حاجة ألا نقابل شطط بعض الجماعات التى ذهبت إلى أقصى اليمين فى التشدد والغلو والتطرف والإرهاب بأن نذهب إلى شطط مناقض بالذهاب إلى أقصى اليسار من التحلل والتفريط، يقول الإمام الأوزاعى «رحمه الله»: «ما من أمْر أمَر الله به إلا عارض الشيطان فيه بخصلتين لا يبالى أيهما أصاب: الغلو، والتقصير. وقالوا: لكل شىء طرفان ووسط فإن أنت أمسكت بأحد الطرفين مال الآخر، وإن أنت أمسكت بالوسط استقام لك الطرفان، ولذا فإننا إذا أردنا أن نقضى على التشدد من جذوره فلا بد من أن نقتلع الإلحاد والانحلال من جذورهما أيضا، وبنفس النسبة والمقدار، فكل فعل له رد فعل مساوٍ له فى القوة ومعاكس له فى الاتجاه، ما يجعلنا نحذر من أن الدعوة إلى الإلحاد المسيس والموجه لهدم مجتمعاتنا وإلى الإباحية أو الخلاعة أو المجون أو العرى هى قنابل موقوتة مثل قنابل المتطرفين سواء بسواء، فأخطاء دعاة الانحلال الموجهة- المقصودة أو غير المقصودة- هى أكبر وقود لتغذية التطرف، حيث توفر للمتطرفين حججة شكلية لتضليل الشباب وتجنيدهم وإيهامهم بأن مجتمعاتهم لا تريد الدين، بل تحاربه مما يسهل لهم عملية استقطابهم وتجنيدهم، وهذا يتطلب منا اليقظة والفطنة والحذر، والوسطية والاعتدال فى كل شئون حياتنا ومناحى تفكيرنا وجوانب ثقافتنا أو تثقيفنا، وفى فننا وإبداعنا، إذ لا يمكن لمسار ما أن يغرد منفرداً أو أن يسبح فى عالم وحده، أو أن يعمل فى الهواء الطلق بمنأى عن المسارات الأخرى التى لا غنى له عن النظر بعين الاعتبار إليها، إذا كنا نؤمن بأصول علوم الاجتماع والعمران وبناء الحضارات على أسس راسخة لا أسس واهية.

--

وزير الأوقاف