رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

خلال أكثر من ثلاثة عقود مضت كثرت البلاغات للنائب العام من قبل مواطنين ومحامين، وكانت «أسلمة المجتمع» فيما يعرف حتى اليوم بظاهرة الإسلام السياسى بوابة لكثير من البلاغات الخاصة بقضايا ازدراء الأديان، ونشر الرذيلة، وزعزعة الأمن العام – أى أن هذه القضايا انحسرت داخل مثلث الدين والجنس والسياسة. اللافت فى الأمر أن معظم القضايا، من هذا النوع، تركز على مقاضاة كتاب وفنانين وبعض الاعلاميين. كثير من الشبهات تحوم حول دوافع بعض ممن يرفعون مثل هذه القضايا المثيرة للجدل، والتى يفتش أصحابها فى ضمائر الآخرين.

خطورة مثل هذا السيل من البلاغات والقضايا أنها ترسخ ثقافة القهر والتخويف والتكفير، وتدفع بعض المثقفين إلى الانسحاب القسرى من الحياة العامة. هذه البيئة المشجعة على التحرش فتحت شهية الكثير من المنتفعين من وجود هذا المناخ على نصب كمائن لاصطياد ضحاياهم تحت لافتة «بلاغ للنائب العام».. منصب النائب العام له هيبته وجلاله، وإذا كان باب النائب العام مفتوحا لأى مواطن، فليس معنى ذلك أن تنعدم الضوابط والمعايير التى تحدد أحقية هذا أو ذاك فى رفع بلاغ لسيادة النائب العام.. الوجه الآخر لهذه الأشكالية أن مواقع التواصل الاجتماعى خاصة «الفيس بوك» أصبحت هى الأخرى منصات نارية يمكن لمستخدميها اغتيال أى ضحية فى لحظات، من خلال سيل من الطلقات غير الأخلاقية والتى تنهش الأعراض والسمعة بلا وازع من ضمير أو أخلاق.. أمام هذا الواقع سنجد عدم تكافؤ كامل بين ضحايا مواقع التواصل من جهة وهم فرادى، وبين «مهاويس» التشويه والتحرش ومدعى الفضيلة وهم جيوش ظلامية تتحكم بهم همجية فكرية تنم عن استرجاع ثقافات عصور غابرة تعويضًا عن فراغ فكرى وثقافى بالواقع المعاصر وجفاف شبه تام بالحياة السياسية.

مناشدتى اليوم لسيادة النائب العام المستشار حمادة الصاوى، أن تكون هناك قواعد ومعايير محددة لرفع مثل هذه الدعاوى أو البلاغات لغلق الباب أمام تجارة باتت رائجة لبعض من يعملون خلف ستار لمصالح خاصة بهم، أو مرتبطة ربما بأفراد وتيارات أكبر وأكثر نفوذا من مجرد محامى مبتدئ أو مواطن «غلبان». أعرف حجم المسئوليات الملقاة على عاتق النيابة العامة خاصة بعد صدور القانون رقم (3) لسنة 1996 والذى يخص النيابة العامة وحدها كصاحبة حق فى رفع دعوى «الحسبة» باعتبارها الوحيدة التى قصر المشرع لها حق رفع دعوى الحسبة دون الأفراد.. وقد أغلق هذا التشريع الباب بوجه مرتزقة القضايا الذين ذهب ضحية تدليسهم كاتب وطنى مثل الدكتور فرج فودة، وتعرض لهجرة الوطن مفكر كبير مثل الدكتور حامد نصر أبوزيد، وتعرض للاغتيال الأديب العالمى الأستاذ نجيب محفوظ، والقائمة طويلة منذ عشرينيات القرن الماضى وحتى اللحظة الراهنة.

هيبة منصب النائب العام تستوجب أن لا يندفع أحد بجهل، أو حمية ليست فى موضعها، أو مناولة مع مقاولى القلاقل والدسائس – بطرق باب النيابة العامة تحت شعارات تدمر المجتمع ولا تحميه، وتشوه الواقع وتربكه بلا مبرر موضوعى.

التحديات التى تواجه مصر الدولة والمجتمع كثيرة، وواجبات النائب أكبر من أن يعطلها البعض، أو يجرها إلى حيث لا تريد أو تبتغى.. أما ما يتعلق بمواقع التواصل الاجتماعى، والجيوش الافتراضية، فالأمر بالفعل يحتاج لتنظيم وليس تكبيلا أو تضييقا.. الأمر بحاجة أن يدرك الجميع حرمة الجميع، وأن يعى المغيبون أن الفكر والفنون هى القوة الحقيقية المطورة للحياة والمجتمعات مهما كانت الرؤية والمعالجة والتصور.