رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى

نداء القلم

الذين قتلوا النفوس بغير جريرة إلا الفساد فى الأرض هم أنفسهم الذين قتلوا الناس جميعًا ونشروا الفساد فى الأرض، ودانوا للقيم الترابيّة، وأهانوا قيم الله فى كتاب الله، أو هكذا تصوّروا، ولكن الله غالب على أمره يقف وراءهم بالمرصاد. هم أولئك الذين قتلوا الإنسان وأعدموا فيه الإنسانيّة وأحلوا قومهم دار البوار.

لم يشأ الله سبحانه أن يترك جزاء التضحية فى سبيله ليشرّعها أو يسنّها غيره، فلن يفى هذا الجزاء أحدًا سواه، لذلك كانت منزلة الشهيد أعلى المنازل وأقدرها عند الله قبل أن تكون أقدر وأعلى لدى المخلوقين، فدمُ الشهيد طاهر لأن المنزلة المُكرّمة التى بلغها لقاء تضحيته تعطى له الحق فى طهارة الدم وطهارة الأصل الروحى الذى تأسس عليه.

ولم يكن غريبًا أبدًا أن يُكفّن الشهيد بدمه طاهرًا فلا يغسّل، لأن شهادته هى شهادة الروح التى اختارت التضحية بالدم ونالت الشهادة من أجلها فى عالم الذّر.

فالدم العادى نجسٌ فى عقيدة المسلمين، ولكن ما هكذا يكون دم الشهيد. الشهيد فى الإسلام يُدفن كما هو، دون غسل. الشهيد لا يُغسّل، فدمه طاهر، لأنه دم الروح، دم الفداء والتضحية.

إنّ شهادة الدم فى عقائد أهل السّنة هى شهادة الحياة، ليست أى حياة ولا كل حياة، ولكنها حياة الروح وفداء الواجب والتضحية. وفى حياة الروح يجود الرجال بدمائهم قربانًا إلى تلك الأقانيم العلويّة من فرط ما اشتعل فى قلوبهم من محبّة خالصة يمليها عليهم واجب التضحية فلا يبالون إن لاقوا فيها حتفهم المُقدّر ومثواهم الأخير.

إنّ قيم الوطنية ولاشك من قيم الله، والحفاظ عليها والدفاع عنها والمثول لشرف البقاء فيها هى أيضًا قيم تندرج تحت طاعة الله الذى فرض الجهاد فى سبيله والصدق فى ملاقاة الأعداء، وجعل الفرار من الزحف كبيرة يقترفها المجرمون من مقترفى الكبائر.

إنّ أصغر جندى فى الميدان لا تزلزل عقيدته الوطنية دواعى التخويف أو التخوين، إذ كانت العقيدة الدينية مصدرًا لها وقيمًا تتوخّاها وتباشرها، لكن شرط هذه العقائد كلها أن تكون معقولة مقبولة على المستويين الإنسانى والحضارى، ولا تكون مجرد نظريّة كثيفة ثقيلة تثقل كاهل الإنسان وتعمى باصرته عن الاستنارة بنور الله وقيم الله، وأن يكون فهمها رحمة للناس وللعالمين، وأن يفهم الدين فهمًا صحيحًا فى إطارها، ولا يفهم فهمًا مغلوطًا أو معكوسًا يحرّفها عن مقاصدها التأسيسية.

فمن حرّف هذه المقاصد لغايات ترابيّة أضرّ بالدين وبالدنيا معًا وأحلّ سفك الدماء وحارب القيم الإلهيّة تمهيدًا لضياع كل قيم تُدرج تحتها يعتنقها الإنسان ويواجه بها مسيره ومصيره، فإباحة القتل وسفك الدماء تحريف لعقائد الدين وحراب لله، وحراب لقيم الله فى كتابه، ولا يوجد مسلم يقرأ القرآن ثم يحلُّ لنفسه ما حرّمه الحق بنصّ كتابه الكريم:

(ومن يقتل مؤمنًا متعمّدًا فجزاؤُهُ جهنم خالدًا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعدّ له عذابًا عظيمًا) (النساء 93).

والذين أحيوا النّاس جميعًا هم جنودنا البواسل يدفعون البغى والإثم والعدوان، والناس فى منازلهم وأعمالهم يتمتعون بحياتهم ووراءهم من يذود عنهم، ويحميهم من شر البغى وبطش العدوان.