رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ندى

( مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ ) حديث شريف صحيح ينبهنا إلى قدر ومنزلة العلماء الذين تحلموا مسئولية الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنه, ويخبرنا بجزائهم العظيم من ربهم, ولكن ماذا لو انحرف الداعية إلى طريق آخر, وتصدى لعمل ليس له فيه ناقة ولا جمل, مدعيا الدراية, وزاعما المعرفة, خاصة إذا تعلقت هذة المهنة بأغلى ما يملك الإنسان وهى صحته, فينطلق بكل ما أوتى من - جهل وصلف ونرجسية - ليصف الدواء الناجع ويقضى على المرض الذى عجز عن علاجه جميع الأطباء, ولا مانع من ترديد بعض العبارات الدينية ليدغدغ مشاعر مريديه, ولم لا فالله سبحانه ما أنزل من داء إلا وله دواء, والرسول الكريم يقول تداووا عباد الله, ولا مانع أيضا من بعض الاتصالات الهاتفية - التى لا يعلم مدى صحتها إلا الله- تحكى قصص أصحابها مع المرض اللعين الذى استمر معهم أعواما عديدة, وفشل الأطباء فى اكتشافه ليأتى مولانا فى ثوانٍ معدودة بالحل السحرى.

ومولانا رجل عصرى, يواكب التقدم التكنولوجى ووسائل الاتصال الحديثة, لذلك يستخدم القنوات الفضائية -الدينية- فى عرض بضاعته والترويج لها من منظور شرعى يخطف الألباب قبل العقول, فهذا كريم «مبارك», وهذا زيت مقروء عليه آيات من القرآن, وهذا مسك طاهر يطرد شياطين الإنس والجن, وهذه مجموعة أعشاب لعلاج «كورونا» , قالها مولانا بمنتهى الثقة وأخذ يرددها كأنه يريد أن يسمعها الفيروس قبل المريض, وهذه حقيبة المناعة التى لا يستغنى عنها أى منزل خاصة فى الظروف الاستثنائية التى تمر بها البلاد, والقائمة طويلة خلاصتها أن كل مرض له علاج نهائى عندنا.

ومولانا كان يظهر على مريديه فى بث مباشر, يستمع الشكوى المرضية ويقدم العلاج فورا مع جملة دعاء مكررة بالشفاء موجهة إلى السماء, ولظروف معينة اضظر مولانا إلى تسجيل الحلقات ولكن بنفس الطقوس.

ولما ذاع صيت مولانا جذب إليه معالجين جددا يقدمون منتجاتهم من خلاله – لزوم البركة -  واستغلالا للنجاح الساحق الذى حققه فى مجال هو ومن على شاكلته أبعد الناس عنه.

يقدم مولانا للمنتج بكلمات حاسمة، مؤكدا أنه لولا ثقته فى هذا المنتج والشركة لما فعل هذا, ويعدد المزايا القيمة التى يحملها المنتج, ويطالب مريديه بشرائه- على ضمانته- ولا مانع من عرض بعض الحالات التى شفيت تماما بعد استخدام المنتج السحرى, وسرد كلماتهم التى تدعو للشركة المنتجة التى لا تهدف إلى الربح, ولكنها تسعى لمساعدة المرضى!!

وفى نهاية الفقرة تشكر الشركة مولانا وهو بدوره يشكرها ويدعو لها, ثم تكرر الفقرة عدة مرات على مدار اليوم فى القناة المباركة.

والغريب أن جميع منتجات مولانا أو الشركات التى يضمنها نتائجها مبهرة لا تحتمل خطأ واحدا، ونسبة شفائها مائة بالمائة, متفوقة بذلك على جميع العقاقير الطبية التى خضعت لآلاف الأبحاث العلمية والتجارب السريرية قبل تجريبها على الحيوان ثم الإنسان, ومع ذلك لها آثار جانبية ترفقها الشركة المنتجة مع الدواء كإجراء لازم من حق المرض الاطلاع عليه, وتطالب الشركة المنتجة المريض بإرسال ملاحظاته إذا حدث أى شىء لتداركه فيما بعد.

وسؤالى إلى مولانا ببساطة: ما فائدة دراسة سنوات الطب الطويلة المرهقة والمذيلة بالتدريبات العملية الشاقة لاكتساب المهارة والخبرة والحنكة فى علاج المرضى, وما فائدة التخصصات المختلفة والتى تتعقد يوما بعد يوم, وتتسم بالدقة الفائقة حتى أصبحنا نرى طبيبا متخصصا فى جزء صغير جدا فى المعدة, يجيده إجادة تامة ولا يتعداه إلى غيره, ويحول الحالات التى لا تخصه إلى زميل آخر, وكيف نفسر قول المولى عز وجل « فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ».

هدانا الله وإياكم سواء السبيل.

[email protected]