رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

مثل ملايين غيرى تعلقت بالفنان سمير غانم الذى استمر أكثر من 50 عاما يجسد حالة من حالات الفرح الجميل بروح مفعمة بإنسانية حقيقية، كنت أنا وغيرى نلمسها بمتابعتنا لحياة هذا المغرد الجميل.. سمير غانم ليس مجرد فنان كوميدى استطاع إضحاكنا أكثر من نصف قرن، ولكنه حالة من أرقى ألوان الإبداع وأكثره صعوبة وتعقيدا. فن الإضحاك عند سمير غانم فلسفة وليس مجرد دور، والمتأمل له سيلمس بسهولة أن جينات سمير غانم بها «جين» زائد مسئول عن «خلطة» الضحك السحرية وحالة تدفق الفرح الدائمة فى نهر الحب والحياه. أنا لم ألتق الفنان سمير غانم فى حياتى، ولكنه كان شريكا دائما لرحلتى مع الأيام والسنين مثل غيرى من الباحثين عن رشفة سعادة. روعة صناع الفرح من الفنانين مثل سمير غانم، أنهم يفتحون لنا حسابات جديده فى بنوك السعادة، تعيننا على تحمل أعباء الحياة. يدفعون من أعصابهم ودموعهم الكثير لكى نبتسم نحن ونعثر بين دروب الحياة على «خبيئة» الحظ والمرح.. أحيانا كنت أحاول السباحة داخل الفنان سمير غانم، ولكنى خشيت من الغرق أمام شلالات الرضا المتراقصة خلف زجاج نظارته الشهيرة..

لم أكتب اليوم عن سمير غانم من باب التأبين، لأن صناع الفرح لايقبلون العزاء – حتى لحظة الرحيل يتمنون لعشاقهم أن يضفروا من خيوط أحزانهم أثوابا للفرح. اليوم أطرح على كل من يعنيهم الأمر فى حياتنا الثقافية والفنية أن ننشيء «دارا» للضحك تضم العشرات من نجوم البهجة فى حياتنا الفنية خاصة رائدات الضحك من نجمات السينما والمسرح منذ ثلاثينيات القرن الماضى.. سيساعد على غنى هذه الدار توفر وسائل حديثة لاستحضار وأرشفة حياة وفن هؤلاء الذين منحونا البهجة.. تاريخ السينما فى مصر تجاوز المائة عام، وإذا اضفنا إليه فنا سابقا عليه وهو المسرح، وفنون تالية مثل الراديو والتليفزيون، وصولا إلى كل وسائل التواصل الحديثة فإننا أمام كنوز لايجب الاكتفاء بالاحتفاظ بها فى ذاكرة الأجيال.. الذاكرة الإنسانية يخبو وهجها بمرور الزمن – أما التوثيق فيبقى للأجيال مرجعا نتعلم منه، ونتأمله، وندرسه وقت الحاجة.. الأمر يحتاج لفريق من الباحثين والدارسين للفنون والآداء، ليقوموا بأرشفة بعض أعمال كبار فنانى الكوميديا بطريقة جذابة صورة وصوتا وتوثيقا مكتوبا.

قد يتصور البعض أن الدعوة لإنشاء «دار» للكوميديا فكرة مستغربة. الواقع غير ذلك!.. تاريخ الكوميديا فى مصر درسته مراكز بحثية إسرائيلية، ولم نفعل نحن، وحتى فن «النكت» فى حياة المصريين يهتم به الإسرائيليون كثيرا، ناهيك عن تراثنا الفنى الذى يوجد منه بمؤسسات الاعلام والفن فى إسرائيل ما لايتوفر عندنا.. فى الثمانينات من القرن الماضى زار مصر وفد ثقافى يابانى رسمى بغرض دراسة تراث الضحك والنكتة عند المصريين، لنقل خبرة صناعة البهجة لليابانيين الذين يفتقرون لهذه الروح لظروف تاريخية كثيرة.

الأمر الثانى أننى أتصور أن الكآبة خطر قومى يهدد المجتمع المصرى، وأن المصريين المعاصرين مصابون بالكثير من ألوان الذبحات العاطفية، والكوميدية، بعد أن «تحجبت واحتجبت مسام السعادة والبهجة»، رغم ما عرف عن المصرى فى أدبيات الشعوب المجاورة من أنه «ابن حظ ونكته».. رحم الله الجميل جدا الأستاذ سمير غانم، وطيب الله مستقر الفنانة والإنسانة والأم دلال عبد العزيز التى عاشت آخر سنوات عمرها فى حالة أشبه بالتجلى الصوفى بفضاءات الناس والحياة وما بعد الحياة.. هكذا شعرت وكتبت..