رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الناصية

 

التاريخ فى الكتب يمكن تزويره.. ولكن التاريخ فى السينما لا يمكن تزويره.. لأنه تاريخ الجمهور، وغالبًا لا أحد يهتم بتاريخ الناس العاديين مثل الاهتمام بالزعماء الذين غالبًا يستأجرون من يكتب تاريخهم.. ولذلك السينما فى مصر مهملة!

ورغم زيادة اهتمامنا بأخبار وصور نجوم السينما مؤخرًا، لم نهتم بأخبار السينما نفسها، فهى رغم كل هذه المهرجانات، وهى حالة صحية ومهمة وضرورية، ولكن لابد أن يكون هناك إنتاج سينمائى فى المقابل بنفس القدر والقيمة من الاهتمام بالنجوم والمهرجانات!

لأن السينما هى التاريخ الحقيقى للشعوب الذى لا يمكن تزويره حتى ولو كان هناك توجه فى فترات سياسية معينة لإنتاج أفلامًا للشحن المعنوى مثلما حدث بعد ثورة يوليو 52، ولكنها ظلت أفلامًا معدودة فى مقابل عشرات الأفلام التى توثق الحياة اليومية للناس العاديين بكل ما فيها من تراجيديا وكوميديا!

.. وأعتقد أن عبقرية الروائى العظيم نجيب محفوظ تكمن فى كتابته لتاريخ الناس العاديين.. فلم يكتب رواية واحدة عن زعيم أو رئيس بعينه.. لم يكتب عن سعد زغلول ولا مصطفى النحاس، ولا عن عبدالناصر والسادات.. صحيح نستشعر فى الخلفية، وفى روح الرواية حضور هذا الزعيم وذاك الرئيس، ولكن كل رواياته هى تاريخ للشعب وليست لتاريخ الزعماء، ربما لأنه يعرف بمصريته العميقة أن كتب التاريخ يكتبها الملوك والسلاطين لتروى انتصاراتهم وبطولاتهم حتى ولو لم تحدث، ولذلك تفرغ هو إلى كتابة تاريخ الشعب فكانت رواياته أكثر صدقًا من كتب التاريخ المزورة!

أقول كل ذلك لإيضاح أهمية السينما فى حياتنا، فهى تؤرخها، وترصدها وتوثق كل تفاصيلها الصغيرة بأفراحها وأحزانها وكل لحظاتها من حب وخوف وقلق ورعب.. وعندما نستمتع الآن بأفلام الأبيض والأسود القديمة، مع إننا شاهدناها مائة مرة، ونعرف بداية القصة ونهايتها ومع ذلك نشاهدها كلما تم عرضها، لأننا فى الحقيقة نقرأ من خلالها تاريخ حياتنا اليومية الماضية، ونكتشف فى كل مرة تفصيلة جديدة من الشوارع والبيوت والاثاث والملابس.. لأننا نرى تاريخًا متحركًا أمامنا على الشريط.. وهو ما يمتعنا كذلك عند مشاهدة حفلات السيدة أم كلثوم المصورة، حيث نتأمل الجمهور وملابسهم أكثر مما نستمتع بالأغنية!

السينما فى مصر جزء لا يتجزأ من تاريخ السينما فى العالم، فقد سبقتنا بلدان كثيرة فى الإنتاج السينمائى ليس فى المنطقة العربية فقط ولكن فى دول أوروبية وأفريقية وأسيوية، ولذلك من المخجل ألا يكون لنا حضور دولي بمستوى هذا التاريخ.. فى مقابل السينما الإيرانية مثلًا أو اليابانية والأسيوية الذين سبقونا بكثير، من الإبداع السينمائى المدهش!

وأسباب تخلفنا السينمائى، كثيرة، ومؤلمة، فبرغم تاريخنا الطويل فى صناعة السينما، إلى درجة إنها كانت ثانى مصادر الدخل القومى المصرى بعد محصول القطن بما يعنى أن السينما كانت جزءًا مهمًا من الدخل القومى، وهى معلومة ليست بجديدة وقيلت عشرات المرات ولكنها حقيقية، ومع ذلك لم تستفزنا كفاية للاهتمام بزيادة الإنتاج السينمائى.. عمومًا نحن فى حاجة إلى وقفة جادة لنعرف أسرار تخلفنا عن هذه الصناعة فى ظل توفر البنية الأساسية لها من ستوديوهات ومعامل ومبدعين!

[email protected]