عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أوراق مسافرة

حلقت شعرها، غنى للخمور، صورت فيلماً إباحياً، قدم دور البلطجى تاجر المخدرات كبطل يتحدى الأمن، قتلت زوجها وطهت لحمه وقدمته طعامًا للفقراء، اغتصب ابنتيه القصر، للأسف صارت هذه العناوين الصفراء الفارغة وما وراءها من أخبار تتصدر وسائل الإعلام، ومواقع التواصل الاجتماعى، تشغل اغلب الناس، وتجتذب اهتمامهم وأحاديثهم فى العمل، أوقات الفراغ، وفى الأمسيات، وكأن هناك حملة ممنهجة، أو مؤامرة محبوكة الأطراف ضد المثل العليا، الأخلاق، القيم، لتغييب هذه الأجيال فى أتون مظلم من الفوضى الأخلاقية، وإفقادهم القيمة الحقيقية التى من أجلها خلق الله الإنسان، ليرث الأرض، يعمرها، يبنيها، يطورها، يملأها خير وحب وجمال، لا شر وقبح وجريمة.

وعلينا أن نعترف بأن شباب هذا الجيل، وأيضًا أبناء الجيل الصاعد يتعرضون بموجب ما أشرت إليه لحملة شرسة من التسطيح، وتهميش الفكر والاهتمام، وتغييب القدوة والنموذج السوى ذو القيمة المجتمعية على كافة المستويات، أتصور أحيانا أنها مؤامرة، أو قد لا تكون سوى تخبط فوضوى الملامح، للبحث عن الإثارة فى خضم حياة صارت صعبة التفاصيل على الغالبية العظمى من المصريين.

وهنا أتساءل، لماذا غالبًا مصدر الإثارة والاهتمام هو الأشياء والشخصيات الفاسدة، الساقطة، والمنحرفة؟، لماذا لا يكون مصدر الإثارة قصص وحكايات عن شخصيات تحمل بطولات حقيقية فى حياتنا، وهنا أصل إلى ما أثرته فى مقالى الماضى، حول قصص أبطال مصر الحقيقيين، جيش وشرطة، أو غيرهم من أبطال ونماذج ناجحة فى كافة المجالات الحياتية الأخرى، فى مجال التعليم، الطب، الهندسة، القانون، أو أى مجال آخر من مجالات العمل، ويتم عمل قصص صغيرة منفردة عن كل شخصية، أو تجميع أبطال الفئة الواحدة فى كتاب شيق.

وسأركز هنا على الجانب العظيم من البطولات المصرية، والمتمثلة فى تضحيات أبناء الجيش، والشرطة، وانبه إلى أن هؤلاء هم أولى بالاهتمام، وتسليط الأضواء عليهم، والسرد والحكى عنهم، وأن تكون صورهم وقصص حياتهم هو ما تزخر به مساحات وسائل الإعلام بكل تصنيفاتها، مقروءة، مرئية، ومسموعة، وبالتالى هى ما تحتل صفحات التواصل الاجتماعى، وتستحوذ على اهتمام الشباب والشبيبة، ما يسهم كثيراً فى ضبط الميزان لدى الشباب والنشء، لمجابهة الهجمة الشرسة من بيكا وشيكا بيكا وأمثالهم.

فلماذا لا يتم إعداد كتيبات صغيرة حول هذه البطولات، يتم تدريسها بالمدارس، وأن يشرف على إعدادها لفيف من الكتاب والمؤرخين، ممن تحفل بهم الساحة، وذلك تحت إشراف رسمى مثلاً للشئون المعنوية لوزارة الدفاع، بجانب لجان من وزارة الداخلية، الإعلام، الثقافة، لمراجعة المواد والمعلومات الخاصة بقصص البطولات، حتى نربى أبنائنا على قدوة صالحة، ونماذج إيجابية ناجحة نافعة فى المجتمع، وحتى نجعل هذه البطولات خالدة فى ذاكرة ووجدان الأطفال والتلاميذ، ونكرس لديهم شعور الفخر بتضحيات الأبطال، الذين صنعوا بأرواحهم أسمى معانى الشرف والوطنية والانتماء، وهؤلاء الأبطال تحفل السجلات العسكرية والأمنية بأسمائهم وبطولاتهم وقصص تضحياتهم واستشهادهم، وحقهم علينا، بل وحقهم لدى وطنهم، أن يتم تكريس بطولاتهم، حتى تتوارث منهم الأجيال هذه المعانى السامية للتضحية والكرامة.

أرجوكم درسوا قصص بطولات أبناء مصر فى المدارس، واجعلوها مادة أساسية مثل التاريخ والجغرافيا، لأن هؤلاء الأبطال صنعوا تاريخ مصر من نور، بأرواحهم واجعلوها مواد تضاف لأجلها درجات فى الشهادات، نحتاج لهذا لإنقاذ أجيال مصر من التسطيح والتهميش، والاستقطاب من قبل الجماعات المتطرفة والإرهابية، نحتاج لهذا لزرع الانتماء، عندما يعلم الطفل أن هناك شباباً كالورد دفعوا حياتهم لأجل أن يعيش هو فى أمان واستقرار، مؤكد سينمو لديه الشعور بالخوف على الوطن، مقدراته، ممتلكاته، فلا يكون بينهم مخرب، أو داعى للتخريب والهدم والدمار، بل أن شعورهم بالانتماء وبتقدير هذه التضحيات سيكافح لديهم أى ميل للفساد وإفساد المجتمع، أو حتى إفساد انفسهم بالفشل الدراسى أو الانجراف للانحراف أو السقوط فى وحل الإدمان.

افعلوها أرجوكم، سجلوا البطولات وقصصها، درسوها فى المدارس، انشروها فى وسائل الإعلام بصورة يومية، اطلقوا لأجلها البرامج واصنعوا لأجلها الأفلام والمسلسلات، صدقونى إحياء القدوة من بطولات الشعب المصرى، وإبراز النماذج الصالحة والناجحة فى كل الاتجاهات، هو الملاذ المتبقى لنا لمواجهة بيكا وسيكا ونمبر وان وأمثالهم، الذين للأسف اصبحوا هم أبطال وقدوة هذا الجيل، والأجيال الصاعدة، هذه البطولات ستغذى ذاكرة وأخلاق أطفالنا ثمارً صالحة، وستستهم فى إعداد جيل متميز قوى، قادر على التحدى لكل ما هو سلبى وضد الوطن، جيل قادر على النهوض من أى كبوة يتعرض لها، لأنه سيقلد قدوة صالحة ضحت بروحها من أجل هذا الوطن، اللهم بلغت، اللهم فاشهد.

[email protected]