رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ندى

لم يكن عبدالرحمن عرنوس معلماً نمطياً على غرار زملائه، بل كان متمرداً مثل البحر الهادر، لا يكف عن شرح الدرس للتلاميذ وهم فى انتباه شديد وكأن على رؤوسهم الطير, بأدائه المسرحى المنقطع النظير, يقدمه بطريقة غيرمألوفة وبأسلوب غير معتاد فيحفظونه عن ظهر قلب.

انتقى «عرنوس» فريق العمل من تلاميذ الفصل والفصول الأخرى ممن يجيدون القراءة والإلقاء لتدريبهم بشكل جديد مكوناً أول فريق للتمثيل, سابقاً وزارة التربية والتعليم وكل الوسائل والأنماط التعليمية بما عرف بعد ذلك بـ«مسرحة المناهج». وترك «عرنوس» بصمة فى حياة تلاميذه منذ نعومة أظفارهم، فهو الذى غرس بذرة الفن فى نفس وروح كل من عرفه من التلاميذ أو الأصحاب، وكان من فئة المعطائين بلا حدود,  بالعمل الدؤوب والجد والاجتهاد وبذل كل ما وسعه، فى حديثه وصمته على السواء, لا يكف عن الحركة ولا السكون, وتأصلت هذه البصمة وتجذرت نبتاً صحيحاً فى حياة كل من عرفوه ولم تترك أى خواء فى تلك العلاقة التى يمكن أن توصف بالإبداع الراقى وتتسم بجلائل الموقف وعظيم التجربة والقدرة على الصمود فى مواجهة الزمن.

ولد «عرنوس» ليكون معلماً بالفعل، معلماً مستنيراً تفوق بعبقرية غير مسبوقة وبنجاح لا نظير له فى توصيل المعلومة إلى تلاميذه، ولكنه ترك العمل بالتدريس لتلاميذ المرحلة الابتدائية والقيود التى تفرضها الوظيفة بجداول الحصص وقوائم الفصول وشرح المناهج والتقويم والتقييم, وأصبح مدرسة وحده يؤمها الجميع لينهلوا من معين عطائه فى كل الفنون المسرحية.

قال عنه الفنان ماجد الكدوانى: «بعد ما خلصت من فنون جميلة وطلبونى فى معهد الفنون المسرحية، وأنا فى امتحانات القبول، كان هناك دكتور عظيم فى معهد الفنون المسرحية، كان اسمه الدكتور عبدالرحمن عرنوس، وقال لى تعالى عايز أقولك على حاجة، فقال لى (وماذا بعد) وبعدين مشي، قلت له طب يعنى إيه؟ فقالى خلى الكلمة دى حلقة فى ودنك».

وأضاف الكدواني: «جريت وراه قلت له لازم تشرح لي، قال لى وماذا بعد؟ فقلت له مش هسيبك إلا لما تشرح لي، فقال لى هقولك على حاجة، اوعى تعمل عمل تعيش عليه، كل ما تخلص عمل قل وماذا بعد؟ واللى اتعمل يتنسى وفكر فى اللى بعده، ودايما الكلمة دى بقت حلقة فى ودني، مبدأ حياة».

وقال عنه الفنان الأردنى حكيم حرب: خلال دراستى الجامعية تعلمت من أستاذى الفنان المسرحى المصرى الكبير «د. عرنوس» عشر وصايا، ما زالت هى البوصلة التى أعتمد عليها فى تحديد مسار حياتى وعملى حتى اليوم.

من أهم الوصايا الاعتراف بالعيب هو أولى خطوات التخلص منه, وإنكاره يجعله يلتصق بك طوال الحياة, والابتعاد عن المظاهر والشكليات والتركيز على النجاح والإبداع لتصل إلى النجاح, والحذر من الغرور واستعجال النجاح, ومواجهة الخجل والوضوح والصراحة والشجاعة والابتعاد عن المرواغة والازدواجية, ولا تترك أفكارك السلبية تسيطر على تفكيرك، ولا تكن عبد الفكرة مهما كانت، بل طوعها وجددها وطورها، واذا اقتضى الأمر اهدمها وقم ببناء ما هو أفضل منها، تصبح انت الفارس للفكرة، أى كن فارساً ولا تكن حصاناً، فلا تجعل أحدا يقودك أو يفكر نيابةً عنك, وواجه الضيق والأزمات والظلم بالسخرية والضحك، اضحك، فالضيق ضباب قد يغشى العقل فيوقعه ويشل الفكر بلا منجاة.

وقالت عنه الفنانة لطيفة فهمى «هو الذى اكتشفنى مسرحيا، وقال لى باللفظ: "انتى يا بت، انتى ممثلة حلوة أوي"، وكانت فرحة وشهادة كبيرة، خاصة أن مشاركتى فى مسرحية "رحمة" من إخراجه كانت أولى خطواتى الفنية بعد تخرجى فى قسم الدراسات الحرة بالمعهد العالى للفنون المسرحية، حيث التحقت به بعدما تخرجت فى كلية الآداب قسم فرنساوي، وكانت تجربة مميزة، فالمسرح معلم لأى ممثل، وتعلمت منه خبرات كثيرة ساعدتنى اليوم فى التمثيل.

[email protected]