رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

من كتاب قراءة المستقبل

للدكتور مصطفى محمود رحمهُ اللَّه

عندما أراد الصينيون القدامى أن يعيشوا فى أمان؛ بنوا سور الصين العظيم.. واعتقدوا بأنه لايوجد من يستطيع تسلقه لشدة علوه، ولكن..!

خلال المئة سنة الأولى بعد بناء السور تعرضت الصين للغزو ثلاث مرات!

وفى كل مرة لم تكن جحافل العدو البرية فى حاجة إلى اختراق السور أو تسلقه..!

بل كانوا فى كل مرة يدفعون للحارس الرشوة ثم يدخلون عبر الباب.

لقد انشغل الصينيون ببناء السور ونسوا بناء الحارس..!

فبناء الإنسان.. يأتى قبل بناء كل شيء وهذا ما يحتاجه طلابنا اليوم..

يقول أحد العلماء:

إذا أردت أن تهدم حضارة أمه فهناك وسائل ثلاث هي:

1/ اهدم الأسرة

2/ اهدم التعليم.

3/ أسقط القدوات والمرجعيات.

*لكى تهدم اﻷسرة:عليك بتغييب دور (اﻷم) اجعلها تخجل من وصفها ب"ربة بيت"

*ولكى تهدم التعليم: عليك ب(المعلم) لا تجعل له أهمية فى المجتمع وقلل من مكانته حتى يحتقره طلابه.

*ولكى تسقط القدوات: عليك ب(العلماء) اطعن فيهم قلل من شأنهم، شكك فيهم حتى لا يسمع لهم ولا يقتدى بهم أحد.

فإذا اختفت (اﻷم الواعية)

واختفى (المعلم المخلص)

وسقطت (القدوة والمرجعية)

كل ما ذكره العالم الراحل الدكتور مصطفى محمود منذ سنوات طويلة فى هذا الكتاب قد حدث كليا فى الوطن مصر، وقد دونه بعض الأصدقاء فى مقالات كثيرة سابقة وسأدونه انا ايضا ولن أيأس من تدوينه.

الآن نحن نمتلك فقط الفتات من الهوية المصرية التى ما زالت تنازع وتقاوم سكرات الموت فى حرب الوجود الدائرة بين ابى جهل بكل مكوناته الصحراوية وبين ابو الهول بكل مكوناته التاريخية على ضفاف النيل، الأمر خطير للغاية وان لم تتدخل القيادة السياسية بقوة للجم سعار ابى جهل فى تلك الحرب، ستكون النهاية مؤلمة وحزينة لهوية كانت وما زالت مصدر الإلهام لكل الإنسانية.

لن اتطرق إلى المسببات والدوافع وطرق العلاج لأن كلمات الراحل الدكتور مصطفى محمود تتضمن كل ذلك بكل بساطة ووضوع ويتبقى فقط ارادة قوية من القيادة السياسية.

نحن على بعد خطوات من آخر نقطة فى دائرة الهزيمة، وما زال ابو الهول متمسكا بالأمل ومعه القليل الداعمون له، فى وسط أمواج صحراوية تجتاح العقل الجمعى المصرى بقيادة ابى جهل الدخيل بعوامل تعرية حديثة على المجتمع المصري.

مواقع التواصل الاجتماعى كاشفة للمصيبة التى تعيشها الهوية المصرية، تغيير شامل. كامل فى المكون الثقافى للعقل الجمعى المصري،،، والأخطر ان بعض من هم داخل دائرة النخبة الثقافية والسياسية اصبحوا جزءا من عوامل التعرية الصحراوية الداعمة لثقافة ابى جهل.

ليس أمامنا رفاهية تحديد البعد الزمنى للبدء فى لجم سعار ابى جهل وأدواته لأنها أصبحت ثقافة راسخة منصهرة داخل تشابكات الهوية المصرية (الديمغرافية) وهو التغير الذى حدث فى تركيبة الثقافة المصرية ومكوناتها التاريخية.

ما حدث من مشوار تنموى هو عظيم واعجازى لبناء الحجر، ولكن كان يلزم ان يكون بالتوازى هناك بناء للانسان او اعادة اكتشاف مكوناته الماضية.

لا يمكن أن يكون هناك تقدم.. وان كانت نتائج العمل التنموى بكل مشتقاته وهناك خراب ودمار فى تكوين الانسان، لان ذلك الحجر ايا كانه نوعه ومكانه وحجمه فلن يعمل الا بإنسان كامل التوازن والتكوين النفسى والأخلاق والعلمى والعملي.

البداية نحتاج إلى صرامة قانون، والخطوة الأولى تحتاج إلى كلمات منهج علمى تاريخى بعيد عن مكونات الهزيمة والانكسار وتدوين تاريخ الاحتلال والاذلال، فهناك تاريخ الأجداد الذين هم ملوك البشرية وعظماء التاريخ فمنهم نتقدم وعلى طريقهم نستعيد أمجاد امبراطوريتنا المختفية منذ آلاف السنوات.

كل التجارب والتاريخ تقول إن السور العالى لن يعطى الحماية للأمة، بل الانسان العالى فى علمه وثقافته وادراكه واخلاقه هو من يعطى الحماية والتقدم للوطن، اتمنى ان نلتفت إلى بناء الانسان قبل أن يتحول إلى أشلاء يصعب لملمتها.