عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

أرنو للغد، متأملا ومفكرا لأعرف أى حال سيعيشه أبناؤنا وأحفادنا وهم مقبلون على عالم يتغير بسرعة مذهلة لا يتصورها عقل بشري، فمن كان يتخيل قبل عشر سنوات كل هذه التطورات التى جرت فى عالمنا.

ولاشك أن جائحة كورونا غيرت هى الأخرى كثيرا من تصوراتنا، وكشفت لنا علوما عديدة لم نكن نعرف عنها شيئا، ودفعتنا إلى أن نتأمل الأمور بعملية أكثر، واهتمام أشد، ودعتنا أن نستشرف المستقبل وسيناريوهاته.

من هنا، فإننى أتصور أن الجدل الدائر فى الأوساط العالمية بشأن تغيرات المناخ، وظاهرة الاحتباس الحرارى ليست قضية ترفيه ثانوية كما قد يتصور البعض، وإنما هى قضية تمس تفاصيل حياتنا اليومية، وتؤثر بشكل مباشر فى اقتصاديات كثير من الدول، وربما فى سياساتها.

والظاهرة باختصار تتمثل فى ارتفاع درجة حرارة الأرض نتيجة زيادة الانبعاثات كرد فعل طبيعى للتطور، والزيادة السكانية، وارتفاع الانتاج الصناعي. ومنذ عام 1970 فإن درجات الحرارة شهدت أعلى زيادة لها على مدار ألفى عام، واعتبر العلماء السنوات الخمس الأخيرة هى الأكثر حرارة على الاطلاق.

وتكمن المشكلة فى النتائج المتوقعة لهذا الارتفاع، إذ يؤدى ذلك إلى زيادة كبيرة فى نسبة التصحر والجفاف، فضلاً عن تآكل بعض السواحل، وارتفاع متوسط سطح البحر، وهى ما تحمل جميعا آثارًا شديدة الخطورة على الاقتصاد والأسواق والبشر.

وإذا كانت قضية المياه، واحدة من أهم التحديات التى تواجهها مصر فى المستقبل، كما أوضحت فى مقالى الأسبوع الماضي، فإن أزمة الاحتباس الحرارى تزيد من صعوبة هذا التحدي، خاصة وأنها تحمل تأثيرات واضحة على أنظمة الري، والزراعة، والبيئة، وهو ما يؤدى إلى حالة ارتباك فى الدورات الزراعية، وتغير فى المواسم، وهو الأمر الذى قد يشكل ضغطا على محاصيل غذائية بعينها، فترتفع أسعارها.

ولاشك أن الدولة المصرية تعى خطورة هذه القضية وآثارها على الاقتصاد، وقد عكست مشاركة الرئيس عبد الفتاح السيسي، قبل أيام فى قمة المناخ بجلاسكو هذا الوعي، وسبق أن حذر الرئيس قبل عامين من أن إفريقيا على وجه التحديد، تدفع ثمنًا باهظًا لهذه الأزمة، رغم أن انبعاثاتها ضئيلة للغاية، مقارنة بالدول الكبرى.

وقبل أكثر من خمس سنوات تم تشكيل مجلس وطنى للتغيرات المناخية، وأنشئت عدة لجان فى كثير من الوزارات معنية بهذه القضية.

لكن رغم كل ذلك، فإننا مازلنا فى بدايات الطريق، خاصة أن الإعلام الحكومي، والخاص على السواء لا يعطى هذه القضية الخطيرة الاهتمام المستحق، وهو ما يجعل البعض يتصورها قضية ترفيه أو غير ذات بال.

إننى أتصور أن الاحتباس الحرارى يحمل تأثيرات شديدة الخطورة على الاقتصاد المصري، وأرى أننا فى حاجة ماسة لمؤتمرات ومنتديات ودراسات جادة للوقوف على آثاره على مصر.

ومثل هذه القضية تهم كافة المستويات، فلابد للمجتمع المدني، والقوى السياسية، وجميع المؤسسات التكاتف والتعاون للتوصل إلى رؤية مصرية واضحة بشأنها، تتضمن ما هو كائن، وما ينبغى أن يكون.

وكما كتبت مرارًا فإننا يجب أن ننظر للغد بعيون منفتحة وعقول متحررة، فأعظم الأمم هى التى تستقرئ القادم وتستعد له.

وسلاما على الأمة المصرية.