رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مكنونات الثقافة المصرية:

 

 

 

عندما عقد الرئيس السادات اتفاقية السلام مع إسرائيل كان له مبرراته القوية والمنطقية، وكان هدفه استعادة سيناء كاملة، وهو ما تحقق بالفعل. ولكن لا أرى أى مبرر لهرولة بعض قادة وحكومات الدول العربية للتطبيع مع إسرائيل. والغريب أن هذه الدول هى من قاطعت مصر آنذاك، فى وقت كانت مصر أحوج ما تكون إلى أشقائها العرب اقتصاديًا ودبلوماسيًا.

والحكومات العربية غالبا ما تسير عكس التيار الشعبى، وما نشهده من هرولة بعض الحكومات العربية (البحرين وقبلها الإمارات) وسعيها إلى التطبيع مع العدو الإسرائيلى ما هو إلا نموذج لذلك. ولسنا فى حاجة إلى التأكيد على رفض كل الشعوب العربية هذا التطبيع الذى يخص فقط الحكومات، لذا فهو تطبيع رسمى بروتوكولى يفتقد إلى الشرعية الشعبوية.

لقد فشلت الجامعة العربية- كالعادة- فى إدانة التطبيع العربى الإسرائيلى، وهو ما حدا بالسلطة بالفلسطينية إلى التخلى عن حقها فى رئاسة مجلس جامعة الدول العربية فى دورته الحالية، احتجاجًا على موقف الجامعة العربية المخزى، فجامعة الدول العربية حين انعقدت لتبحث قضية التطبيع مع إسرائيل كان موقفها وكأنها مع التطبيع، ولم تقدم حتى بيانات إدانة لفظية. فى حين شجبت دول غير عربية هذا التطبيع، فقد أكد وزير خارجية روسيا (غير العربية) أن التطبيع بين الدول العربية وإسرائيل لا يجب أن يكون على حساب الشعب الفلسطينى.

إن المتضرر الأكبر من هذا التطبيع هو الفلسطينيون، فهذه الخطوة لن تجلب إلا الضعف والخزى للأمة العربية، ولن تصب إلا فى مصلحة الغرب والكيان الصهيونى، من خلال تسويق مشاريع تعمل على هدم الدولة الفلسطينية، إضافة إلى الاعتراف بيهودية الدولة الإسرائيلية، مما يمثل خطرًا على الوجود العربى الفلسطينى والحقوق المشروعة للفلسطينيين.

وتجدر الإشارة إلى أن أغلب الحكومات العربية ما زالت صامدة فى وجه التطبيع، منها حكومة العراق، فبعد المؤتمر الذى عُقد فى أربيل مؤخرًا، الذى دعت فيه شخصيات عراقية وشيوخ عشائر إلى التطبيع مع إسرائيل، أعربت الحكومة العراقية عن رفضها القاطع للاجتماعات التى وصفتها بأنها غير قانونية. وأضاف البيان الصادر عن المكتب الإعلامى لرئيس الوزراء العراقى أن طرح مفهوم التطبيع مرفوض دستوريًا وقانونيًا وسياسيًا فى الدولة العراقية. كما أعرب الرئيس الجزائرى «عبدالمجيد تبون» عن أن بلاده لن تشارك أو تبارك اتفاقات تطبيع العلاقات مع إسرائيل، فى معرض تعليقه على اتفاق الإمارات والبحرين مع إسرائيل، المُوقع بين الدول الثلاث فى البيت الأبيض يوم 15 سبتمبر الماضى.

لقد تناسى هؤلاء المهرولون أن التطبيع مع إسرائيل هو خروج واضح وغير مسبوق عن مبادرة السلام العربية التى ربطت التطبيع بقيام دولة فلسطينية على حدود 1967. وأن إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشريف، وتنفيذ مقررات الأمم المتحدة فى هذا الشأن القاضية بانسحاب إسرائيل من الأراضى المحتلة عام 1967 بما فيها الجولان السورى والقدس المحتلة، هو المرجعية الوحيدة لأى علاقات مع الكيان الصهيونى.

إن فجاجة هذه الهجمة التطبيعية، لم ولن تمر بسهولة، فالشعوب العربية لن تسكت على استكانة وجُرم حكوماتها التى طبَعت مع إسرائيل، وستبقى الشعوب السند الرئيسى والداعم الأكبر للقضية الفلسطينية، بما تملكه من إمكانيات وقدرات ومبادئ. وستعود القضية الفلسطينية مرة أخرى إلى الواجهة، وستبقى قضية الشعوب العربية الأولى رغم أنف الحكومات «اللى ما بتختشيش».