رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ندى

بالرغم من تعدد أغراض الحنين فى شعره, من حنين الى الأهل ، والأماكن الدينية، والقدس، وغيرها، إلا أن شعر الحنين إلى الأوطان كان له نصيب الأسد ، حيث كتبه فى حنينه لوطنه أثناء نفيه، فاتسمت أشعاره بطابع الحنين، والشوق العارم لوطنه مصر العزيز على قلبه.

ونجد أن مظاهر الحنين للوطن تجلت بعد نفى الشاعر أحمد شوقى عن وطنه، إلى آخر أيام حياته، وخير مثال على قصائده فى الحنين للوطن هى قصيدة غربة وحنين، لقد تجلى الحنين للوطن عند  شوقى، فى العديد من قصائده، وكان أبرزها ما كتبها فى المنفى، وسميت بالأندلسيات، فلم ينس وطنه، حيث كان متعلقا به تعلقا شديدا، فيقول شوقى فى قصيدته :

اختلاف النهار والليل ينسى * اذكرا لى الصبا وأيام أنسي

وصفا لى ملاوة من شباب * صورت من تصورات ومسِ

عصفت كالصبا اللعوب ومرت * سنة حلوة ولذة خلسِ

وهنا يستنكر شوقى من حقيقة أن مرور الأيام تنسى الإنسان وطنه، فهو يتذكر وطنه، ايام صباه، وفرحه، ومشاعر حلوة قضاها فى اراضيه بين أحبابه، وأصحابه.

ويبدأ شوقى فى سرد ألمه، وعذابه فى البعد عن وطنه، وعدم قدرته على العودة، ولكنه يتمنى الرجوع يوما ما، فيقول :

وسلا مصر هل سلا القلب عنها * أو أسا جرحه الزمان المؤسي

كلما مرت الليالى عليه رق * والعهد فى الليالى تقسي

مستطار إذا البواخر رنت * أول الليل أو عوت بعد جرس

راهب فى الضلوع للسفن فطن * كلما ثرن شاعهن بنقس

 ولقد عانى احمد شوقى من الغربة، والشعور بالحنين إلى بلاده، حيث اجتاحت هذه الفكرة خيالاته وأفكاره، مما دفعه بكتابة مشاعره الصادقة هذه، من أجل أن يواسى نفسه.

وفى الابيات السابقة يتخيل شوقى وجود صاحبين له، يناجيهما، ويسألهما مستنكرا، أن يسألا وطنه مصر إن كان قلبه نساها، او أن مرور الوقت قد داوى جرحه.

كما يستنكر شوقى أن الزمن، ومرور الوقت قد أنساه وطنه، وما فيه، ولكن زاده البعد عن الوطن شوقا، وحبا، وتعلقا ، وحنينا له، ولكل ما يتضمنه.

و لأن شوقى كان يقطن فى أحد موانئ اسبانيا، فترة نفيه، فقد كان يتجدد إليه الامل فى العودة إلى وطنه حين يسمع صوت البواخر، وصوت دقات اجراسها ، ما يجعله يتحسر عند رحيلها دون أن تأخذه إلى وطنه الحبيب.

إن الشخص عندما يكون بعيدا عن وطنه، يدفعه شعوره بالوحدة، والحنين إلى الوطن بالتوجه إلى الاشياء الجمادية بالخطاب من أجل مواساة نفسه، وهذا ما يفعله شوقى، حيث يتوجه بالحديث إلى السفينة.

فيقول لها بأن أباها؛ ويقصد به البحر، كريم فى عطائه، ويعاتبها ببخله عليه، حيث يجعل شوقى محبوسا فى المنفى، لا يقدر على العودة لبلده، ولكنه يعود وينسب هذا الحبس إلى المستعمر الأجنبى، الذى ينهى خيرات الوطن، ويستبيح كل ما فى أرضه، محرما إياه على أهله.

فالظلم الذى تعرض له شوقى أوصله إلى أن كل وطن أحق بأبنائه، ولا يوجد من ينكر هذا إلا أصحاب المذاهب النجسة، وهنا علم شوقى بصعوبة عودته إلى وطنه، ما جعله يكتفى بإرسال تحياته الى الوطن عبر السفن.

لقد نجح شوقى فى استخدام التعدد فى الصور الشعرية، وتوظيفها فى مكانها الصحيح، الذى يضفى على القصيدة جمالًا، وروعة...

---

[email protected]