عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تأملات

من تابع مضمون البيان الرئاسى لمجلس الأمن الذى صدر الأسبوع الماضى بشأن أزمة سد النهضة، لا بد أنه انتابته حالة من التساؤل والاستغراب بشأن طبيعة ردود أفعال الأطراف المعنية بالبيان، وهى مصر والسودان من جانب وأثيوبيا من جانب آخر. فقد رحبت مصر بالبيان، الذى جاء، وفقا للخارجية المصرية، تعبيرا عن اضطلاع مجلس الأمن بمسئولياته عن حفظ السلم والأمن الدوليين، و«بغرض الانتهاء من صياغة نص اتفاق قانونى ملزم حول ملء وتشغيل سد النهضة فى إطار زمنى معقول»، فيما جدد السودان دعوته لقبول عملية الوساطة المعززة بقيادة الاتحاد الإفريقى.

الأكثر لفتا للنظر ودهشة فى الوقت ذاته رد الفعل الأثيوبى والذى بدا غير مرحب بالبيان بل ومستفزا من صدوره لحد تأكيد أديس أبابا أنها لن تعترف بأى مطالبة قد تثار على أساس البيان الرئاسى، فى ذات الوقت الذى راحت فيه تصب جام غضبها على تونس صاحبة مشروع القرار أمام المجلس لدرجة اعتبارها لذلك الموقف بمثابة تقويض لمسئولية تونس الرسمية كعضو مناوب فى مجلس الأمن الدولى على مقعد أفريقى.

الغريب أن تلك المواقف تأتى رغم أن البيان فى التحليل النهائى له ربما لا يحقق الأهداف المصرية السودانية من اللجوء إلى المجلس، حيث كان الهدف الأساسى من مشروع القرار التونسى، والذى جاء بالتنسيق مع القاهرة والخرطوم، هو وقف أى إجراء أحادى بشأن السد ممثلا فى عدم قيام أثيوبيا بعملية الملء الثانى ووضع أفق زمنى لأى مفاوضات مقبلة بين أطراف الأزمة فى حدود ستة شهور. وإذا كانت عملية الملء أصبحت خارج نطاق النقاش باعتبار أنها تمت بشكل أو بآخر لتأخر المجلس فى اتخاذ موقف سواء بقرار أو حتى ببيان، فإن الأفق الزمنى غاب كذلك عن البيان. الأكثر غرابة أن البيان ربما تبنى الموقف الأثيوبى الذى عبر عنه وزير الرى الأثيوبى فى كلمته أمام المجلس خلال مناقشة الأزمة فى يوليو الماضى حيث أكد المجلس فى بيانه أنه ليس جهة الاختصاص فى النزاعات الفنية والإدارية حول مصادر المياه والأنهار.

ماذا يعنى ذلك؟ ربما لذلك دلالة أساسية وهي أن مصر تلعب سياسة بجد، وهو ما يؤكد قدرتها على مواجهة الأزمات بحكمة، بعيدا عن العصبية وأنها أرادت تفويت الفرصة على إبداء حالة من الرفض لموقف دولى بما قد يسئ لوضعها التفاوضى أو غير التفاوضى مستقبلا، فضلا عن أن هذه اللغة تتوافق مع مواقفها منذ بدء الأزمة والتى تلتزم العقل والتأكيد على الحل التوافقى الذى يحقق مصلحة كافة أطراف الازمة، وكذا ما تتيحه تلك الصياغة للبيان من كشف موقف أثيوبيا على المدى الطويل وتأكيد أن مصر استنفذت كافة جهود حل الأزمة حال فشل المفاوضات.

أما على الصعيد الأثيوبى فإن الموقف يكشف عن أن أديس أبابا تريدها مباراة صفرية تحصل خلالها على كل شيء فيما يخرج الخصم خالى الوفاض، وهو تصور لو صح يدخل فى دائرة الخيال أو الأحلام إن لم يكن عدم النضج السياسي! وهو فى الوقت ذاته موقف كاشف ودال على طبيعة الموقف الأثيوبى خلال المفاوضات المقبلة والنتائج بالغة المحدودية التى يمكن التوصل إليها من خلال مثل تلك المفاوضات.

الأكثر دلالة هو مضمون التصريحات المصرية الأخيرة فيما بعد بيان مجلس الأمن وخاصة تصريحات وزير الرى محمد عبد العاطى خلال مشاركته فى منتدى المياه بدبى أمس الاول والتى أشار خلالها إلى أن الطرف الآخر ليس لديه نية للتوصل إلى اتفاق بشأن سد النهضة.. إن دلالة ذلك الوحيدة، ربما، هو أن مصر ترى الموقف بجلاء وبدقة أمامها وأنها ربما تؤجل فقط ساعة الحسم على الأقل لتبرئة ساحتها امام العالم، وهو ما يجعلنا نشعر بالاطمئنان لما ستؤول إليه الأمور مستقبلا بغض النظر عن الأحوال أو الأوضاع التى أوصلتنا إلى تلك الحالة!

[email protected]