رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

همسة طائرة

الطفرة الكبيرة التى أحدثها الرئيس السيسى لمستقبل مصر الجديدة فى شتى المجالات من خلال رؤية بنيت على أساس التقدم العلمى لأحدث ماوصل اليه للأجيال القادمة وهذا ما كان جليًا فى إنشاء المدن الجديدة والطرق التى تحتوى على العديد من المحاور فهى رؤية المستقبل التى يجب أن تنعكس على جميع أوجه الحياة فى جميع المجالات بالتخطيط طويل الأمد وبطريقة استباقية وليس رد الفعل واضعين فى الاعتبار الذكاء الاصطناعى الذى ثمنة الرئيس فماذا عن مستقبل الطيران؟

مع التطور الهائل فى تكنولوجيا النقل والمواصلات والاتصالات ومع تحديات التلوث البيئى والظروف الاقتصادية وخفض التكاليف تظهر أهمية السؤال فيما سيأتى مستقبلًا كيف نخفض التكلفة؟؟.. وكيف نقلل من انبعاثات المحركات وكيف نزيد الطلب على النقل الجوي؟

خبراء الطيران يرون أن النظر إلى هذا الموضوع لابد أن يتم على مرحلتين، مرحلة المستقبل القريب ومرحلة المستقبل المتوسط والبعيد. بالنسبة للقريب فإن خسائر شركات الطيران التى بلغت نحو 700 مليار دولار خلال ما يقرب من عامين وفقد ملايين الوظائف المباشرة وغير المباشرة يضع ضغوطًا هائلة على صناعة الطيران مما قد يتسبب فى إعلان عدد من شركات الطيران إفلاسها ما لم يكن هناك دعم جاد لإنقاذ صناعة الطيران من قِبَل حكومات الدول المختلفة.. ولكن إذا نظرنا للمستقبل البعيد فإننا نلحظ أمورًا جوهرية تتغير وأدوات كثيرة تُستَحدث لأن الاستمرار بنفس الأدوات لن يسمح باستقرار نسب النمو. وللتدليل على ذلك نشير إلى بعض التحديات الحالية والتى لها انعكاسات ضاغطة على صناعة الطيران.

أولًا: تحديات اقتصادية تؤثر على القوة الشرائية فى الكثير من دول العالم وبالتالى على حجم التجارة العالمية مما سيكون له تأثير مباشر على النقل الجوى للبضائع وحركة الركاب وزيادة أهمية وحساسية سعر الشحن للبضائع وسعر التذكرة للراكب.

ثانيًا: تحديات بيئية، فمع ما نراه اليوم من تغيرات للمناخ وارتفاع درجات الحرارة يكتشف المجتمع الدولى بأن تحذيرات العلماء على مدى سنوات وعقود لم تكن نظريات فحسب بل حقيقة علمية بدأ هذا الجيل فى جنى ثمارها، لذلك فإن صناعة الطيران لابد وأن تجد طريقًا للقيام بوظيفتها فى نقل البضائع والركاب لكن بتكلفة بيئية أقل حتى لاتفقد أهميتها، بالرغم أن نصيب نشاط الطيران من إجمالى الانبعاثات عالميًا لا يتعدى 2% إلا أنه قد بلغ 915 مليون طن من غاز ثانى أوكسيد الكربون حسب تقارير 2019.

ثالثًا: تحديات تكنولوجية، فالعالم يتطور بسرعة كبيرة فى مجال تكنولوجيا الطاقة والاتصالات وهو ما تكون له آثار إيجابية وأخرى سلبية على قطاع الطيران، فالآثار الإيجابية ستحدث إذا تبنى الطيران المدنى هذه التكنولوجيا وقام بتطويعها وتطبيقها للحفاظ على القيمة التنافسية لهذه الصناعة كوسيلة أساسية وضرورة لا غنى عنها.

يا سادة.. إذا كان الطيران بالفعل يطبق تكنولوجيات متطورة، فماذا نعنى بتبنى التكنولوجيا الحديثة؟

فما نعتبره تكنولوجيا اليوم سيكون من مخلفات الماضى غدًا، لذلك لا بد من النظر للغد من اليوم ولا أزيد فى القول إن ننظر للمستقبل البعيد بل دعونا نبدأ بالمستقبل القريب على أقل تقدير ومن أمثلة ما سيحدث فى المستقبل القريب ومن خلال مراقبة ما يجرى الآن من أجل المستقبل، تنتشر أبحاثًا شديدة الجدية والابتكار من أجل تشغيل طائرات تجارية بطاقة الكهرباء، وقد نجحت بعض هذه التجارب فى إنتاج طائرات تجارية ولكنها صغيرة جدًا لنقل الركاب (حمولة لا تتعدى 10 ركاب) أو نقل البضائع بحمولات تقل عن 1.5 طن فى الوقت الحالى. وطبعًا مازال التطوير والابتكار مستمرًا وقد تُصَنّع محركات طائرات هايبرد وهيدروجين.. كما تسعى شركات ومراكز أخرى الى إعادة النظر فى شكل الطائرة من الأساس وإعادة تصميمها دون الالتفات إلى أعمال التطوير التى تجرى على الشكل التقليدى الذى نعتاد عليه للطائرات. وهناك نموذجان أود الإشارة إليهما.

النموذج الأول: هو طائرة تأخذ شكل المنطاد ويتم إقلاعها وهبوطهًا رأسيًا مثل الهليكوبتر ولكن الإقلاع والهبوط يتم عن طريق الهيليوم وتتميز هذه الطائرة بعدم حاجتها إلى بنية تحتية كبيرة بالمطارات كالممرات مثلًا. وتبلغ سرعة هذه الطائرة ما يقرب من 250كم/ساعة، فبالرغم من أن سرعتها تصل تقريبًا إلى 30% فقط من سرعة الطائرة التقليدية إنها قادرة على التحليق على ارتفاعات منخفضة (فى حدود 2000متر فوق السطح) مما يتيح فرصة استثنائية لمشاهدة معالم المدن والمناطق التى تطير فوقها كما تتميز أيضًا بتجهيزها بمطاعم وغرف نوم ومكاتب للعمل ومناطق ترفيه على متن هذه الطائرة بسبب حجمها الكبير وقد تصل حمولة الموديل الأكبر من هذا النوع من الطائرات المستقبلية الى 250 طن بضائع وهو ما لا تتيحه الطائرات التقليدية، إذن فالمبتكر هنا قد استهدف نقل البضائع وحركة السياحة وكلاهما يمثل نسبة لا يستهان بها من حركة الطيران العالمية.

النموذج الثاني: هو ما يعرف باسم «إيكرانوبلان» وهو عبارة عن سفينة طائرة تقلع وتهبط فى المياه ولا تحلق على ارتفاعات كبيرة كالطائرة التقليدية فارتفاعها فوق سطح البحر يكون فى حدود 5 أمتار فقط وتم تصميم أجنحتها باستخدام تطبيقات حديثة لعلم الفيزياء ويصل مداها الى 1650كم وسرعتها فى حدود 230كم/ساعة وتصل حمولتها الى 320 راكبًا، كما أنها مصممة لتحمل سيارات على متنها. لذلك يمكن أيضًا استخدامها لنقل البضائع أو الركاب بسرعة أقل من الطائرة ولكن أسرع من السفينة وبتكلفة أقل كثيرًا من تكلفة الطيران الحالية.. يعيب هذا الابتكار كونها تحتاج إلى شواطئ للرسو والإقلاع فلا تصل إلى الدول المغلقة التى لا شواطئ لها.. هذين مجرد نموذجين مبدئيين لأدوات طيران بمفهوم مختلف يستهدف احتياج قطاعات معينة من الركاب والبضائع وبالرغم أنها البداية فإن التطوير يحدث سريعا عليهما حتى يتم تلافى العيوب وتحسين الاداء لزيادة قدرتهما التنافسية.

أما عن مصر وكيف تتعامل مع هذه التطورات فيرى خبير استراتيجيات واقتصاديات الطيران عماد سليم أنه لابد من الاهتمام بمتابعة مثل هذه الأمور عن كثب وإجراء دراسات دقيقة بغرض الاشتراك مع هذه المصانع ومراكز الأبحاث فى إنتاج مثل هذه الأدوات الحديثة وعدم الاكتفاء بشرائها أو استخدامها فى المستقبل فمصر دولة لديها شواطئ شاسعة ومطارات متنوعة وتنوع فى النشاط الاقتصادى وموقع جغرافى فريد ويمكن أن تكون تلك الأدوات مثالية لشحن بضائعنا سريعة التلف أو التنقل من والى أوروبا والشرق الأوسط بسرعة مناسبة وبتكلفة أقل مع انخفاض الانبعاثات للحفاظ على البيئة.

و مع كل هذه التطورات لا يجب علينا إغفال تعديل التشريعات المتعلقة بالطيران بما يتماشى مع هذا التطور وبما يسمح باستخدام الأدوات ووسائل النقل المستحدثة.

همسة طائرة.. يا سادة ومصر الجديدة تخطو خطواتها السريعة والمتلاحقة نحو الجمهورية الجديدة مع رئيس لا يعترف بالمستحيل ولا يقبل إلا بالقفز فوق الصعاب والتحديات ويحلم بوطن تفوق قدراته قدرات كل أقرانه وأمة تصبح خير الأمم فإن مستقبل الطيران الذى يمكن أن يراه البعض بعيدًا فى زمن مضى يصبح قريبًا جدًا جدًا مع قيادة سياسية تتطلع إلى مستقبل أفضل يجعل من مصر «أم الدنيا أن تصبح أد الدنيا» ولذلك فعلى القائمين على أمر الطيران المدنى الآن النظر بعين المستقبل واستشراف الغد وعبور كل العقبات التى يضعها من لا يرون إلا تحت أقدامهم فقط فهؤلاء لا مكان لهم الآن مع مستقبل الطيران المدنى فى الجمهورية الجديدة.