رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ندى

 

 

ترك مساحة فارغة لم يأت شاعر بعده ليملأها بالكامل, بالرغم من محاولات بعض شعراء الثمانينيات والتسعينيات، ولذلك سيظل من أعلام الشعر والدراما المصرية, فلن نستطيع نسيان  كلمات السجين الثاني فى مسرحيته «مأساة الحلاج» وغيرها من الجمل الشعرية داخل مسرحياته والتي مازلنا نرددها كأقوال مأثورة, ورغم ذلك تعرض لظلم كبير أثناء حياته وبعد موته, أصابه  مثلما أصاب كثيرًا من المبدعين الذين لم يجدوا تلاميذ تدافع عنهم, ولم يخلد ذكراهم بجوائز عالمية مثلما حفظت «نوبل» نجيب محفوظ.

صلاح عبد الصبور(1981-1931) أحد رموز الحداثة العربية المتأثرة بالفكر الغربي، ويعدّ  من الشعراء العرب القلائل الذين قدموا مساهمة بارزة فى التأليف المسرحي، وفى التنظير للشعر الحر.

تنوعت إبداعاته بين الشعر والمسرح الشعري, وله عدد كبير من الإصدارات المتنوعة بين الأعمال الفكرية والنقدية والترجمات, وحصل على عدد من الجوائز عن أعماله، منها: جائزة الدولة التشجيعية 1965، وجائزة الدولة التقديرية في الآداب 1981، والدكتوراه الفخرية في الآداب من جامعة المنيا 1982.

ظلمته الأوساط الثقافية العربية واتهمته بالتطبيع مع إسرائيل ووضعت لجان المقاطعة العربية اسمه ضمن المقاطعين رغم أنه عارض مشاركة إسرائيل في معرض الكتاب (يناير 1981)  وفتح مكتبه للمثقفين المتظاهرين ضد إسرائيل.

 واكتفى أجيال الشعراء المتعاقبة برؤيته معلقا إلى جوار «الحلاج» ولم يلتفتوا إلى عذابات نفسه التى عانت ما لا يتحمله بشر, فالكلاسيكيون رفضوا عدم التزامه اللغوي, والناصريون لم يعجبهم عدم التزامه الحزبى، واليساريون انتقدوا عدم التزامه اليساري، والغامضون طالبوه بالالتزام الباطنى ، والمراهقون  انتظروا شعره عن المراهقة والسذاجة .

 اتفقت الروايات المختلفة على طريقة موته, مع تنوع الروايات, يقول الشاعر أحمد عبد المعطى حجازى: كان صلاح في منزلي مع بعض الأصدقاء ومنهم الشاعر أمل دنقل والناقد جابر عصفور والرسام بهجت عثمان, فى سهرة عيد ميلاد ابنتى، وخلال السهرة وجه بهحت عثمان انتقادا لصلاح بلهجة قاسية فاقترحت أنا وأمل دنقل على بهجت عثمان أن يخرج، فخرج فعلًا، وأنا محرج فعلًا لأني صاحب البيت, وبعد خروجه، أحس صلاح بالتعب، وطلب أن نخرج لكي يشم الهواء المنعش، وسرعان ما ازداد إحساسه بالتعب, فحملناه بالسيارة إلى المستشفى القريب جدًا من بيتي، وتوفي فى المستشفى على يدي، بعد خمس دقائق من وصولنا.

وفي كتابها «الجنوبي» 1992 تستعرض الكاتبة عبلة الرويني واقعة موت صلاح حيث دُعيتْ رفقة زوجها الشاعر أمل دنقل لحضور حفلة عيد ميلاد ابنة حجازي في منزله, ودارت المناقشة دورتها بين الحاضرين ومنهم بهجت عثمان والذي كان صلاح بنفسه هو الذي دعاه إلى السهرة، حتى فوجئنا بصوت بهجت عثمان يعلو في لحظة سكر واضحة.. (أنت بعت.. وبعت بمليم يا صلاح!) ثار صلاح وهب واقفًا متسائلًا عن الذي حصل عليه ليتهم بالخيانة والبيع، وما الذي باعه بالتحديد؟

وفي حوار الشاعر أمل دنقل مع جهاد فاضل «قضايا الشعر الحديث» 1984 يقول:  في تلك الليلة، أعتقد أن الكلمة التي أطلقها الرسام بهجت في وجه صلاح، لم تكن هي القاتلة، بل كانت فقط القشة التي قصمت ظهر البعير.

وافقت ذكرى وفاته الجمعة الماضية, سقط الفارس النبيل من فوق جواده بعد أن أتم خمسين عاما, وترك لنا جملة شديدة التركيز, قوية التعبير, نجحت فى تلخيص الزمن الذى شهد نهاية رحلته بقوله:

هذا زمن الحق الضائع, لا يعرف فيه مقتول من قاتله ومتى قتله, ورؤوس الناس على جثث الحيوانات, ورؤوس الحيوانات على جثث الناس, فتحسس رأسك.

[email protected]