رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى

رؤى

حالفنى الحظ بمقابلة القاص محمود البدوي(ت 1986) رحمة الله عليه، التقيته قبل وفاته بشهرين، كنت محررًا فى مجلة القاهرة التى أسسها الأديب الراحل عبدالرحمن بدوى، وكنت ضمن الفريق المؤسس، وكانت المجلة تصدر أسبوعيا من الهيئة العامة للكتاب خلال تولى رئاسة مجلس ادارتها الناقد الكبير عزالدين إسماعيل، لا أتذكر على وجه التحديد مكان المقابلة، لكنها جرت بإحدى المؤسسات الثقافية، ربما مجلة القصة، اتحاد الكتاب، واعترف لى خلال المقابلة بتأثره بالأديب الروسى أنطون تشيكوف، مؤكدا ان الجو الروسى والتشيكوفى على وجه التحدى يصور الحياة، وحياة الفلاح الروسى، إذ نظرت إليه تجده تماما كالفلاح المصرى، وبدون شك أنا تأثرت بالشكل والأشخاص والإيقاع عن تشيكوف ومنهجه فى القصة.

وتحدث فى هذه المقابلة بما يشعر به من مرارة قال: لا أكتب للخلود، ولا أحلم بالخلود، ولا أحلم فى أحلام اليقظة بأننى سأخلد، أو سيكون لى قيمة بعد الموت أو قبل الموت، وانما انا أكتب لأدفع شيئا رهيبا فى النفس، قد يكون شبح الخوف من شيء مجهول.

أنا أحس بالمرارة، لا أستطيع أن أتكلم، ولا أستطيع أن أكتم، فأنا اكتب منذ أكثر من خمسين عاما، ولم يتناولنى ناقد كبير ولا صغير ولا اجرى احد معى حديثا كما يجرون مع كل الكتاب الذين يكتبون القصة والرواية.

صور البدوى الحياة داخل البنسيونات، فقد قضى فترة كبيرة من حياته خلال الدراسة فى البنسيونات بالقاهرة، وكان يمتلكها الأجانب، واختلط خلال اقامته بمجموعات متنوعة من البشر، على اختلاط أشكالهم وألوانهم وجنسياتهم وطبائعهم، وأعتقد أننى صورت هذا بقدر المستطاع. وكان يرى أنه لا يكتب سوى ما عايشه ولا يكتب عما يقرأ او يسمع، لأن هذه الكتابة تعد فانتازيا لا تجذب القارئ.

والقصة القصيرة فى رأيه تغنى عن كتابة الرواية، وباعترافه لى أنه لم يكتب الرواية واكتفى بكتابة القصة القصيرة فقط طوال نصف قرن، لأن نفسه قصير، كما أن القصة القصيرة نشرها سهل، وأستطيع ان اكتب منها الكثير.

وقد تتلمذ البدوى على المدرستين الروسية والإنجليزية، فكان مزجاً منهما معاً، ثم أضاف إلى ذلك شخصيته التى استقل بها، فكان قصصياً موفقاً. وأميز صفاته أنه مخلص لفنه إخلاصاً شديداً حتى ليكاد يعجز عن أن يزاول سواه، لأنه استغرق كل تفكيره واستبد بجميع جهوده، وسيكون لنا منه من يسد فراغاً عزيزاً.

[email protected]