رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

كنوز الوطن

كثيراً ما كنت أسمع عن مثقفين ومفكرين ومؤرخين وعندما كنت أتعامل معهم أكتشف أنهم اكتسبوا أوصافاً ليسوا أهلاً لها، بل وصل بهم الحال إلى درجة تقترب من الكفر بهذه الأوصاف التى أصبحت عند البعض سبوبة يتربحون من ورائها دون أي مواهب حقيقية، لكن عندما تعرفت على الكاتب الصحفى الكبير حلمى النمنم أيقنت أن فى مصر فعلاً من يستحقون عن جدارة وصف المثقف والمؤرخ الوطنى فهو مطلع على تاريخ بلده بتعمق ودارس لكل المدارس الفكرية والثقافية، راصد لكل المراحل التاريخية والعصور السياسية وأنظمة الحكم وتطورات الحياة الاجتماعية والثقافية المصرية على مدار تاريخها الممتد من عهد الفراعنة إلى وقتنا الحاضر، محيط بما يجرى فى محيطنا العربى والإقليمي، موسوعي فى معلوماته، قادر على ربط الأحداث وتحليلها بموضوعية، مبدع فى أفكاره وقادر على طرح رؤى مختلفة، والأهم أنه عندما يتحدث يمتلك قدرة نادرة على الحكى البسيط الممتع، وعندما يكتب لا تملك إلا أن تكمل ما يكتبه حتى نهايته دون ملل، ورغم كل هذه القدرات فهو إنسان متواضع لم يصبه مرض الغرور الذى طال الكثيرين ممن يدعون الثقافة والفكر بينما هم فى الحقيقة أنصاف فى كل شيء.

فى عام 2010 كانت أول مرة أدخل فيها مؤسسة دار الهلال العريقة وتحديداً مجلة المصور بصحبة الكاتب الصحفي المرموق أحمد أيوب ويومها لعبت الصدفة دورها فى أن أتعرف على الكاتب الصحفي الكبير والمؤرخ حلمي النمنم الذي ومنذ أن عرفته وكل مرة نلتقى يكون بمثابة درس خصوصي سياسياً أو ثقافياً أو اجتماعياً لما يتمتع به من ثقافة واسعة ومعلومات غزيرة وقدرة على شرح افكاره ورؤيته.

ولأننى بمرور الوقت أدركت أهمية الجلوس إليه كنت لا أفوت فرصة إلا وأذهب إليه أطرق باب مكتبه الذى لا يغلق أبداً فى وجه أحد لأجد عنده كل مرة الجديد الذى أستمع إليه واستفيد منه، بل وكثيراً ما كان النقاش معه سبباً فى تغيير العديد من المفاهيم المغلوطة وتوضيح للقضايا الملتبسة وتفسير للتوجهات التى يثور حولها الجدل، حتى عندما أصبح وزيراً للثقافة لم يتغير، بل كان دائماً ينتصر لكونه مثقفا، فلا يتردد فى الرد فى أى وقت ولا يرفض نقاشاً ولا يتهرب مثل آخرين من الخلاف حتى ولو كان عنيفاً، وكثيراً ما صارحته برأى فى قرارات له فلم يغضب بل رحب بها وتعامل مع رأى بجدية واحترام، وناقشنى فيها بكل تواضع ولم يكن هذا معى فقط، بل كما سمعت من كثيرين غيرى فقد كان هذا هو طبعه الذى لم يغيره قبل أو اثناء الوزارة أو بعدها، ولذلك ظل حلمى النمنم حتى عقب تركه منصبه الوزارى بعد نحو ٢٨ شهراً من العطاء الوطنى المحترم يحظى باحترام الجميع، فلم يفقد علاقته بأحد لأن منصبه الوزارى لم يبعده عن أحد.

ويكاد يجمع المتابعون لعمل وزارة الثقافة أنه سعى خلال فترته إلى دعم الدور التنويري للوزارة وأن يمتد هذا الدور من العاصمة إلى القرى والنجوع تحت شعار «العدالة الثقافية» ولذلك لم تتوقف جولاته ومحاولاته الجادة لإعادة دور قصور الثقافة وفتح المجال لاكتشاف المواهب وخلق جيل جديد من الأدباء والمبدعين، فقد كان من وزراء الثقافة القلائل الذين يمتلكون مشروعاً ثقافيا حقيقياً قابل للتطبيق على الأرض.

وخلال السنوات الماضية يستمر الأستاذ حلمي النمنم في أداء رسالته الثقافية والتنويرية من خلال مقالاته الثابتة سواء في مجلة المصور هذه المجلة العريقة أو في العديد من الصحف الأخرى، فتجد مقالاته ذات بعد وطني وقومي وثقافي وخاصة قضايا الإسلام السياسي الذي تميز وتفرد فيها الأستاذ حلمي النمنم والذي يمتلك فيها من المعلومات والأسرار ما يجعله يغرد خارج السرب في هذه المنطقة تحديداً وفي وثائقه التى يمتلكها فكان مدافعاً عن هوية الدولة ومحارباً ضد كل جماعات التطرف وأتذكر أنه خلال سنة حكم الجماعة الإرهابية كاد يكون النمنم ضيفاً أساسياً في كل القنوات الرسمية والخاصة والاذاعات الرافضة للجماعة، لأنه كان من قلائل امتلكوا الجرأة فى مواجهة افكارهم المتطرفة وفضح مخططاتهم الارهابية، فضلا عن سلسلة مقالاته التى كانت تشرح خطورة هذه الجماعات الإرهابية.

بكل صدق يظل الكاتب الصحفي الكبير والمؤرخ حلمي النمنم واحداً من كبار المثقفين في العالم العربي يملك نواصي الكلمة والمعلومات النادرة، كما يمتلك أيضاً تواضع ومحبة العلماء كباقي أبناء مصر المخلصين ولا أنسى دعمه وتشجيعه لي طوال الوقت وأنتظر دوماً تعليقه على كل حوار من برنامجي الوثائقي «كنوز الوطن» وأجمل اللحظات عندما يكتب عن اللقاء في مقالاته المهمة ما يجعلني فخورا بما أعمل.