خط أحمر
مزعج هذا التحذير الذى أطلقته منظمة الصحة العالمية، والذى يقول فيه تيدروس أدناهوم، مدير المنظمة، إن العالم يكاد يفقد المكاسب التى حققها فى مواجهة ڤيروس كورونا، وإن السبب هو أن سلالة دلتا من الفيروس تنتشر بأسرع مما كان كورونا ينتشر فى بداية ظهوره قبل عام ونصف العام!
والإزعاج الذى أقصده ليس أن أدناهوم يحذر، فلقد حذر الرجل من قبل كثيرًا، ولا الإزعاج فى أنه يخيف الناس بحديثه عن سلالة دلتا ومدى انتشارها.. لا.. الإزعاج ليس فى شيء مما ذكرت، ولا فى شيء مما يشبهه، ولكنه بالأساس فى أن أدناهوم لا يقول للذين يسمعونه وهو يحذر، ماذا عليهم أن يفعلوا ؟!
إن منظمة الصحة العالمية هى حائط الصد لدى البشرية فى مواجهة الوباء.. أو هكذا يتصورها كل الذين يعرفون حقيقة الدور الذى من الممكن أن تلعبه.. ولا يمكن أن تكون كل بضاعتها فى مقاومة كورونا هى اطلاق التحذير من وراء التحذير.. فلا شيء آخر تقدمه، أو تنصح به، أو تبادر وتقول إن على كل انسان فى أى بلد أن يتصرف بالطريقة الفلانية لعلنا ننجو من هذا الضيف اللعين!
وإذا سألنى أحد عما يمكن أن تقوم به، فسوف أقول إنها تستطيع أن تفعل الكثير، وإن فى المقدمة مما تستطيع أن تفعله، التركيز بشكل أكبر على مبادرة كوفاكس التى كانت قد أطلقتها منذ فترة، وقالت إن الهدف منها هو اغراء الدول الغنية بتقديم اللقاح للدول التى لا تسعفها امكاناتها فى شرائه والحصول عليه!
لقد صارت القاعدة المعتمدة فى مواجهة كورونا عالميًا، أنه لا أحد على الأرض سيكون فى مأمن منه، ما لم يكن الجميع فى مأمن كامل منه أيضًا!
وهذا لن يتحقق إلا إذا آمنت الولايات المتحدة على سبيل المثال، بأن عليها أن تتعاون مع المنظمة ومع باقى الدول القادرة، لتقديم اللقاح إلى عواصم العالم التى تبدو عاجزة عن تطعيم أبنائها ضد الوباء!.. هذا ما يجب أن تنفق المنظمة فيه وقتها كله!
ولن تنجح الصحة العالمية فى انجاز هذه المهمة، إلا إذا أقنعت واشنطون وغيرها من العواصم الكبرى، بأنها حين تقدم اللقاح لأى عاصمة غير قادرة، فهى فى الحقيقة تقدمه لنفسها بشكل غير مباشر، وإذا لم تكن تصدق أو تقتنع فلتراجع القاعدة التى صارت معتمدة فى مواجهة هذا الفيروس المراوغ!