رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

على مر التاريخ كانت السخرية أحد أسلحة المقاومة ورفع الروح المعنوية للمصريين، لدرجة أنها تحولت لأسلوب حياة، وملمح أساسى من ملامح الشخصية المصرية. فالمصرى ساخرٌ بطبعه، حتى أنه إن لم يجد ما يسخر منه يسخر من نفسه. وظلت السخرية إحدى وسائل المصرى فى التعبير خاصة فى أوقات الشدة والأزمات، ولم يُعرف عن شعب آخر تلك القدرة الاستثنائية على التنكيت والسخرية فى أحلك اللحظات بالقدر الذى عُرف به المصريون.

والسخرية موروث ثقافى مصرى، يعود إلى عصر الفراعنة، حيث ترك المصريون القدماء برديات ونقوشا تسخر من أوضاع بلادهم السياسية والاجتماعية، وتسجل إحدى البرديات سخرية المصريين من أعضاء فرقة موسيقية من الحيوانات خلف مغنٍّ هو الحمار. (ملحوظة: كثير من المغنين فى وقتنا هذا أبناء هذا المغنى الفرعون).

وسخر المصريون من حكامهم الطغاة ومن جيوش الاحتلال المتعاقبة، ويذكر الجبرتى فى كتابه «عجائب الآثار فى التراجم والأخبار» أن المصريين كان يستهزئون بالباشا التركى وحولوه إلى أغنية لحنوها ورددوها «يا باشا.. يا عين القملة.. مين قال لك تعمل دى العملة.. يا باشا يا عين الصيرة.. مين قال لك تدبر دى التدبيرة». وظل المصريون يسخرون من كل حكامهم على مر العصور المختلفة من عبدالناصر إلى السادات ثم مبارك. (يُستثنى من هذا عصر الرئيس السيسى).

وسايرت الصحافة المزاج العام للمصريين. فأصدر يعقوب صنوع صحيفة «أبونضارة» 1878م. وتبعه الساخر العظيم عبدالله النديم بإصدار مجلة «التنكيت والتبكيت» 1881م، والتى كانت سببا فى نفيه خارج مصر. ولا ننسى مجلة «البعكوكة» إحدى أشهر الصحف الساخرة التى عرفتها مصر، والتى أسسها محمد عزت المفتى، وضمت عددا من أشهر الكتَاب الساخرين حينذاك.

وفى عصرنا الحديث اندثرت الصحف الساخرة، رغم وجود عمالقة فى الكتابة الساخرة أمثال صلاح جاهين، أحمد رجب، أحمد بهجت، محمود السعدنى، جلال عامر، بلال فضل، وغيرهم كثير. وظهرت البرامج التليفزيونية الساخرة، والتى لم ينجح معظمها لبعدها عن الروح المصرية، وخلطها بين السخرية البناءة والهجاء والتجريح، والتهكم على شخصيات معينة، والخوض فى الأمور الشخصية.

وللسخرية نصيب الأسد من الكتابة على المركبات، فنجد مثلًا سيارة 128 وضعت عبارة «انتبه باص مدرسة». وصاحب سيارة أجرة كتب على الزجاج الخلفى «تكبر وتصبح همر». وبعد وفاة مسئول كبير كتب أحدهم هذه العبارة «نفسى ادعيلك بالجنة بس النار أدفالك». وهذا الذى يسخر من حاله، كتب على التوكتوك «الناس خيبتها سبت وحد وانا خيبتى ما وردت على حد». ومع كثرة الذين يدَعون الفضيلة من ضيوف ومقدمى البرامج الحوارية هذه الأيام، يسخر أحدهم منهم، حيث كتب على سيارته المكروباص «ميبقاش تاريخك كله فضايح وتيجى عندى تدينى نصايح».

حتى الأمثال الشعبية، يقلب فيها المصرى بعض الكلمات كنوع من السخرية- كما فعل عمرو عبدالجليل فى فيلم دكان شحاتة- فنجد: اللى بيته من إزاز ميغيرش هدومه فى الصالون، فاقد الشيء يدور عليه، اقلب القدرة على فومها يقع الفول منها، يا خبر النهاردة بفلوس بكره ينزل عليه أوكازيون، اللى معاه قرش محيره يجيب حمام ويحمره، لو حبيبك عسل ما تحطلوش طحينة، وبكرة ترجع ريما من عند خلتها فى مارينا.