خط أحمر
الذين تفاءلوا فلسطينيًا بمجيء حكومة جديدة فى تل أبيب برئاسة نفتالى بينيت، سرعان ما اكتشفوا أن تفاؤلهم لم يكن فى محله، وأن ما نقوله فى المثل الشعبى عن «أحمد الذى هو زى الحاج أحمد» ينطبق أول ما ينطبق على حكومة بينيت، ومعها حكومة بنيامين نتنياهو التى سبقتها!
والأسباب كثيرة.. ولكن أهمها ربما يكون هو موقف الحكومة الجديدة من قرار ادارة الرئيس جو بايدن اعادة افتتاح القنصلية الأمريكية فى القدس الشرقية، وهى القنصلية التى كان الرئيس السابق دونالد ترمب قد أغلقها فى عام ٢٠١٩!
وبالطبع، فإن قرار الإدارة الأمريكية الجديدة اعادة فتح القنصلية، ربما يكون قد جاء على سبيل التراجع عن الكثير مما كان ترمب قد فعله فى سنواته الأربع، أكثر منه رغبة من جانب الادارة نفسها فى تحسين العلاقة مع الفلسطينيين من حيث الشكل على الأقل!
وفى الغالب فإن هذا هو ما يمكن تخمينه على مستوى العاصمة واشنطون، ولكن حتى هذا الاحتمال لم يجعل حكومة بينيت ترحب بالقرار، ولذلك، قرأنا عن طلب منها إلى ادارة بايدن بتأجيل الافتتاح، وعن استجابة الأمريكيين للطلب الإسرائيلى دون نقاش ولا فصال!
وليس أعجب من الطلب الإسرائيلى إلا سببه الذى أعلنته الحكومة الإسرائيلية ولم تشأ أن تخفيه، فقالت إنها شرحت للإدارة فى بلاد العم سام، أن الافتتاح سوف يضعف من مركزها أمام نتنياهو الذى يجلس متربصًا فى مقاعد المعارضة، والذى سوف يجد فى افتتاح القنصلية ما يستطيع ترويجه ضد الحكومة الجديدة، وما يستطيع به القول إنها حكومة ضعيفة أمام ادارة بايدن!
وهو كلام فيه منطق من حيث المظهر، ومن حيث ما تقوله حكومة بينيت من أسباب، ولكن القضية ليست فى منطقيته أو عدمها، وإنما القضية هى فى دلالة الطلب وفى دلالة الاستجابة له فى ذات الوقت.. ففى الحالتين تكتشف أن ما يقال عن وجود اختلاف بين حكومة حالية وحكومة سابقة فى تل أبيب ليس صحيحًا، وكذلك ما يقال عن اختلاف بين ادارة أمريكية راحلة فى واشنطون، وبين ادارة قائمة بعدها فى مقاعد الحكم.. إننا أمام تغيير فى القبعات التى تضعها كل حكومة على رأسها، أما ما تحت القبعات فهو واحد لا يختلف على الأقل بالنسبة للقضية الفلسطينية التى هى القضية الأم فى المنطقة!
ولو كان هناك اختلاف لأخذ بينيت وقتًا فى إقناع بايدن بما يطلبه، ولكانت إدارة الأخير قد ناقشت أو فاصلت فى الموضوع!