عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حدوتة مصرية قصيرة آثارت الفزع والرعب في قلوب طلاب الثانوية العامة على مدار ثلاث سنوات، بسبب اعتزام وزارة التربية والتعليم تطبيق نظام الامتحانات الإلكتروني على "التابلت" وتعدد التجارب التي أعدها البعض حربا نفسية على الطلاب، حتى التقطوا أنفاسهم مؤخرًا بإعلان عودة الامتحانات ورقية مع تطبيق نظام "البابل شيت"، وتهميش "التابلت" بعد أن كان بطلًا محوريًا.

في شهر ديسمبر عام 2017، وقف الدكتور طارق شوقي وزير التربية والتعليم، بكل شموخ وطموح ليعلن خطة تطوير منظومة الثانوية العامة بتعديل نظام التقويم بشكل يعتمد على قياس الفهم وإدماج التكنولوجيا فيه للقضاء على الغش والتظلمات وقتل بعبع الثانوية العامة، من خلال توزيع أجهزة "تابلت" مجانية على طلاب الثانوية العامة، وبالفعل بدأ تنفيذ الخطة على طلاب الصف الأول الثانوي في العام الدراسي 2018-2019.

منذ ذلك الوقت، أصبح "التابلت" حديث الساعة بين جموع الشعب المصري بمختلف طوائفه، ما بين الخائف والمترقب والمتحمس، الجميع انتظر ليشاهد تحقيق هذا الحلم بتوزيع "التابلت" مجانًا بالفعل على الطلاب مع بداية عام 2019، ولكن سرعان ما تلقوا الصدمات بعد أول تجربة امتحانات إلكترونية وسقوط "السيستم" في أول يوم ما آثار القلق والريبة في نفوس الطلاب، وتصاعدت المطالبات بوقف تلك الامتحانات إلا أن "السيستم" عاد لينتصر لوزير التعليم ويؤدي الطلاب الامتحانات إلكترونيًا على "التابلت".

لم تكن تلك المرة الأخيرة لسقوط "السيستم" وحدوث مشكلات تقنية في الامتحانات كتجارب أولية، وإنما على غير المتوقع أصبح هذا أمرًا اعتياديًا مع كل بداية امتحانات، دون أن ينتبه المسئولون إلى وجود خلل حقيقي يتسبب في ذلك أو ربما أيادٍ خفية تعمل جاهدة لوأد خطة التطوير، وبدلًا من إزاحة كابوس الثانوية العامة كما وعد الوزير، أصاب الطلاب حالة من الرعب بسبب شبح الامتحانات الإلكترونية فضلًا عن بعبع صعوبة الأسئلة، حتى جاء القرار النهائي بعودة الامتحانات ورقية وعودة الطلاب لـ"البعبع الأول".

على مدار ثلاث سنوات، تحيّر "التابلت" بين كونه وسيلة لأداء الامتحان، أو وسيلة للمذاكرة، أو بديلا للكتب المدرسية، وبين كونه جهازا داخل منظومة تمنع الغش وتحقق العدالة بين الطلاب أو جهازا يحتال به الطلاب على المراقبين من أجل الغش واكتساب درجات غير عادلة، سواء من خلال الثغرات للوصول لمواقع التواصل الاجتماعي، أو من خلال "التهكير"، وبين كونه وسيلة للوصول إلى المنصات التعليمية أو وسيلة لتغفيل الأمهات واللعب والتسلية باسم المذاكرة.

بصراحة.. أشفق كثيرًا على "تابلت" الثانوية الحائر وسط القرارات المتضاربة التي أصدرتها وزارة التربية والتعليم بوتيرة سريعة، فتارة تجعله البطل الرئيسي في امتحانات الثانوية العامة، وتارة يصبح عنصرًا اختياريًا لأداء الامتحانات، وتارة أخرى يصبح وسيلة لقراءة الأسئلة، حتى انكمش دوره وتهمّش في النهاية وأصبح مجرد وسيلة اختيارية "غير إلزامية" لتسجيل الحضور، وبديل للكتاب المدرسي الورقي داخل اللجنة.

الغريب في الأمر أن الدكتور طارق شوقي رأى أن العودة للامتحانات الورقية ليس فشلًا لامتحانات "التابلت" لأن البنية التحتية التكنولوجية متقدمة بشكل كبير –حسب وصفه- وأن آخر امتحان تجريبي إلكتروني لطلاب الثانوية العامة بلغت نسبة نجاحه 99.5 في المئة! وإذا كان الأمر كذلك فلماذا حرمنا هذا الجيل من خوض تلك التجربة العظيمة ودخولهم عصر التكنولوجيا والحصول الفوري على النتيجة؟

ويبقى "التابلت" حائرًا هل تهميشه بداية للاستغناء عنه في السنوات المقبلة والعودة إلى نقطة الصفر، واستمرار الأوراق تحكم منظومة التعليم بمشكلاتها المتعددة؟ أم ستجعله مجرد وسيلة للمذاكرة وبديل للكتب الورقية؟ أم ستحاول وزارة التربية والتعليم حل المشكلات التقنية لعودته بطل الامتحانات؟