رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الناصية

عند ظهور نتائج الامتحانات فى مصر، فإن أكثر سلاح يستخدم لعقاب الراسبين وخصوصًا فى الثانوية العامة، هو شباشب الأمهات.. فما أن يدخل الابن من الباب تسأله أمه: «عملت إيه ياواد».. إذا قال سقطت. يجد الشبشب فى وجهه.. وبعد دقائق تأخذه فى حضنها وتواسيه.. وتأكّله ملوخية بالأرانب، ولما يأتى الأب من عمله ويعرف بالمصيبة ويغضب.. تقوم الأم بتهدئته بقولها: «يا خويا بلا همّ.. ما كل الولاد بيسقطوا.. وولاد سعدية وحمدية ونعمات سقطوا كمان.. هو أول الساقطين ولاّ أخرهم.. وهما اللى نجحوا عملوا إيه.. ُكل ُكل».. فيهدأ الأب ويجلس مطمئنا يأكل بقية الملوخية بالأرانب.. ويا دار ما دخلك شر!

وهذا ما يجرى مع حوادث القطارات.. فى كل مرة إقالة وزير، أو نعاقب سائق القطار، أو موظف هنا وهناك بالسجن سنة أو ثلاث.. ويخرج علينا بعدها مسئولو الوزارة أو هيئة السكة الحديد يبررون بأن حوادث القطارات تقع فى الدول المتقدمة مثل أمريكا وأوروبا وليس فى مصر فقط.. وإننا شكلنا لجان تحقيق تضم خبراء النقل وأساتذة كليات الهندسة، ولا داع لترويج الشائعات وهدم البلد وتعكير النظام العام.. وإن الدولة قدمت تعويضات لأسر الضحايا والمصابين.. وهنا الكل يرتاح ويستريح ويعودون إلى البيوت ويأكلون ملوخية بالأرانب.. ويا دار ما دخلك شر!

ولا أعرف، حقيقة، أين تذهب نتائج تحقيقات وتوصيات هذه اللجان؟. والسؤال الأهم هل دور هذه اللجان معرفة أسباب الحادث والكشف عن الجانى ومحاكمته ومعاقبته، أم أن دورها الأصلى وضع توصيات لوزارة النقل، بناء على ما اكتشفته من أسباب أدت إلى وقع الحادث لتفادى تكرارها مرة أخرى؟.. أم أن دور هؤلاء الخبراء وأعضاء اللجان ومسئولى الوزارة يتوقف عند كشف الجانى وتسليمه للسجن ويعودون إلى بيوتهم ويأكلون ملوخية بالأرانب.. ويا دار ما دخلك شر؟!

ومن يتابع، حلقات برنامج تحقيقات الكوارث الجوية على قناة ناشيونال جيوغرافيك، والتى تتناول أشهر حوادث الطائرات، وتحقيقات الخبراء لكشف أسبابها.. من خلال شهود العيان وفحص كل قطعة من حطام الطائرة، وتتبع مسار الرحلة.. الخ. لمعرفة أسباب وقوع الحادث.. وهل هى نتيجة خطأ بشرى أو لعيوب فنية فى الطائرة؟.. وبناء على ذلك يرفعون توصياتهم لمصانع الطائرات لإجراء التعديلات اللازمة أو التوصية بتدريب أطقم الطائرات سواء الذين داخل الطائرة أو فى المطار.. وإلزام شركات الطيران بتنفيذ توصيات المحققين بحذافيرها، لضمان عدم تكرار نفس الحوادث مرة أخرى.. وليس للعودة إلى البيوت لأكل الملوخية بالأرانب.. ويا دار ما دخلك شر!

لا إقالة وزراء النقل، ولا محاكمة السائقين منعوا حوادث القطارات فى مصر.. ولا زال عنوان «حوادث القطارات فى مصر» هو الأكثر انتشارًا فى الصحف العالمية عند وقوع كل حادثة قطار، لأن الموضوع أصبح مسلسلًا مستمرًا لا يتوقف حتى لو أنفقنا مليارات الجنيهات.. ولن يتوقف إلا عندما نعرف أسبابها ونعمل على تنفيذ توصيات اللجان المختصة لعدم تكرارها مرة أخرى.. وبغير ذلك ستستمر الحوادث طالما نتعامل مع هذه التوصيات مجرد وسيلة لكشف الجانى وتقديمه للمحاكمة.. والجميع يعود إلى البيوت ويأكلون ملوخية بالأرانب.. ويا دار ما دخلك شر!

< من="">

إن مصيبة موت فرد واحد أكبر بكثير من إقالة وزير أو محاكمة سائق.. ومهما كانت حجم التعويضات ومهما كان اهتمام الدولة بالكارثة كبيرًا لا يساوى شيئًا أمام فقدان أسرة فقيرة لعائلها الوحيد!

[email protected]