عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

ترتبط أيام الربيع لدى بذكريات لا تحصى، فمنذ الطفولة عندما كان الريف المصرى فى عصره كنا نعيش الربيع على حقيقته، فلا زهور صناعية ولا ورود بدون رائحة ولا نباتات وخضراوت مهرمنة، وكان كل شىء يأتى فى موعده وكانت الفصول الأربعة لا تتبدل ولا تتغير مثلما يحدث الآن.

وكانت أمى رحمها الله تستعد فى هذه الأيام لمقاومة شقاوتى فى تسلق أشجار التوت المجاورة للمنزل، وكانت تخشى على من صعودها أو أكل التوت قبل نضجه، وكانت صاحبة نظرة صائبة تكشف ما أخفيه عنها وبطريقة رجال المباحث تعرف من غبار الملابس أو بقع التوت بيدى أو بملابسى، وبعد أن يتم اكتشاف أمرى تطلب منى الإبلاغ عن المكان الذى خبأت فيه التوت لتقوم يفرزه وغسله عدة مرات ووضعه فى طبق وتتناول معى بضحكة زكية لا أنساها وبحنان لم أره إلا منها.

كانت أمى مثقفة دون أن تقرأ، وكانت ثقافتها تأتى من سماع برامج الراديو، وأهمها إذاعة القرآن الكريم وكانت تحفظ عن ظهر قلب مواعيد البرامج، مثل لغتنا الجميلة للراحل فاروق شوشة، وكانت تعرف نقطة ضعفى عندما أسمع أغنية الراحلة فايزة أحمد عندما تشدو بأغنية ست الحبايب فى مارس فى ذكرى عيد الأم وكنت لا أقاوم دموعى وكنت أخشى اليوم الذى ترحل فيه أمى وكنت لا أتخيل الحياة بدونها، وإذا بالقدر يقول كلمته وتسقط أغلى زهرة فى حياتى، وترحل أمى فى شهر مارس التى تتفتح فيه الزهور وتلهو فيه الطيور وتغرد فيه العصافير فوق إحدى البنايات التى حلت مكان شجرة التوت لتزيد وحشة الأيام بدونها.

رحلت أمى فى هذا اليوم الذى أكتب فيه سطور مقالى الأسبوعى، التى كانت تحرص على سماعه منى أو من أحد الأبناء، لتقيم المقال كما كانت تقيم اشعارى وهى تقول لى بكل ثقة هذا البيت مكسور وهذه القصيدة غير هادفة.

أمى من أمهات الزمن الجميل التى وصفها أحد المثقفين من أقاربها بأنها صاحبة رأى معارض ولا تخشى فى الحق لومة لائم، وعندما التحقت بالوفد وكان لى الشرف أن أكون أحد كتابها، كان نفس الرجل يقول إن والدتى هى من شكلت شخصيتى وأثقلتها لتنضم لأكبر جريدة معارضة فى الشرق الأوسط.

مازالت الذكريات تتداعى إلى الأذهان ومازالت لمة الأخوة والأبناء والأحفاد تتم كما عودتهم فى بهو المنزل، ولكل شخص منهم له موقف أو حكاية معها أثبتت له فيها أنه ملء السمع والبصر، وأحمد الله أن أحفادنا تربوا وشربو وأكلوا من أيديها لتصبح والدتى رحمها الله رمزًا للكرم والحنان والحب ومازال الاخوة والأبناء والأحفاد يعرفون نقطة ضعفى عندما أجد أغنية ست الحبايب تتصدر جميع الموبايلات ومازالت دموعى تنساب دون لا أدرى وأنا أشعر أن هذه الأغنية لم تكتب إلا لأمى.. كل عام وجميع الأمهات بخير ورحمة الله على أمى وأبى وجميع من رحلن من الأمهات.