رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

العالم مشغول بسكنى المريخ وبناء مستوطنات هناك ليكون مستقبل البشرية فى كوكب جديد ربما بنهاية هذا القرن.. من المخجل أن يكون نصيبنا وقدرنا من الانشغال لا يتجاوز عتبة بعض الإعلاميين البلهاء الذين يتصورون أنهم يحكمون الحاضر والمستقبل بغباء الصراخ حينًا، وتفاهة النحيب حينًا آخر.. وجوه يتصور أصحابها أنهم محصنون داخل طبقات من أوهامهم وهم فى الحقيقة عراة حتى من ورقة التوت.. من المخجل أن يصنع أجندة الانشغال العام «أراجوزات» تهدر وقت وطن بكاملة فى موضوعات وقضايا لا تليق بمجتمع من القرود.

فى مصر حتى الآن أعتقد أننا أمام مشكلة كبرى وغير مريحة، الطرف الأول منها الدولة ممثلة فى قيادتها وحكومتها، حيث تعمل بقوة فى مجموعة من المشروعات التنموية، والخيط مشدود من العاصمة الإدارية الجديدة بعالمية تصميمها إلى قرى ونجوع مصر بكل عشوائيتها وفقرها، والطرف الثانى الشعب القابع فى مقاعد الجمهور يتفرج حينًا وينصرف عن المتابعة أحياناً أخرى.

حين يتابع الناس مشاهد إنجاز حقيقية فهم مدفوعون لذلك طواعية بطبيعة الابتهاج بما يمكن أن يحقق لهم نوعا من التطور فى حياتهم.. وحين ينصرفون عن ما يتحقق على الأرض من إنجاز ما فإن انصرافهم هذا ليس انصرافًا طبيعيًا ولا طوعيًا ولكنه انصراف قهرى دفعهم إليه بعض الاعلاميين باستخدام كل أدوات الغواية الغبية التى تنقل حالة الوعى العام من مكانها الطبيعى، حيث يتحقق البناء وتعلو الصروح، إلى الشوارع الخلفية وحوارى الحوار الضيقة.

هذا النوع من الإعلام الذى يتصدر ساحاته من يتصور أن بيده «عصا موسى» أو سيف معاوية– هؤلاء هم أكثر من يسحبون من رصيد النظام السياسى الذى أتت به ثورة 30 يونيو 2013 وانتخابات 2014.. من أهم أدوات الخطاب لدى اى نظام الآلة الاعلامية، وإذا كان «أكبر» الأسماء المهيمنة على هذه الآلة بهذا القدر من الهلهلة الثقافية وانعدام المسئولية الوطنية- فإن خطأ كبيرًا يتضخم وقد يتحول بحكم التطور الطبيعى إلى منزلق خطير.. تصحيح المسار الاعلامى مطلوب، واحترام عقول الناس وحماية وعيهم أو ما تبقى منه مسئولية الدولة بالدرجة الأولى لأنه حماية لها وتمتين لقواعدها.. من يقول غير ذلك بادعاء أن مصر اليوم ليست مصر الخمسينيات والستينيات، أقول لهم إن الرئيس السيسى قالها وبألم «جمال عبدالناصر كان محظوظًا بإعلامه ومثقفيه».. المسألة ليست اشتراكية ورأسمالية- الدولة دولة والإعلام فى أى بلد بما فى ذلك الولايات المتحدة لا يعمل فى فراغ مطلق. ولمن لا يعرف أو يدرى أو يتخيل أورد لكم: حسب تقرير مشترك لكل من وزارتى المالية والثقافة الفرنسيتين، «الناتج المحلى الإجمالى الثقافى يقارب 58 مليار يورو من العائدات أى ما يعادل 3.2 بالمائة من القيمة المضافة الفرنسية فى عام 2011. وتمثل هذه المداخيل ضعف عائدات قطاع الاتصالات وتساوى سبع مرات مداخيل صناعة السيارات وتوشك أن تعادل عائدات القطاع الزراعى».

.. وختامًا وجدت نفسى أعود لقراءة رجل القانون بالأساس، ثم الباحث الكبير الذى درس علم الاجتماع فى أعرق الجامعات ببريطانيا وفرنسا وأمريكا وهولندا الأستاذ «على فهمى».. ومن كتابه- دين الحرافيش فى مصر المحروسة: فى مصر العقل غالبًا فى ثلاجة، العلم مجمد، الخرافة ميثاق، الجن عقيدة والأوهام إيمان، وقد يكون مفهومًا أن يؤمن العوام بهذه الأفكار، فالإيمان بالخرافة قد يكون وسيلة للهروب من الواقع السيئ، تمامًا مثل اللجوء للتطرف والمخدرات. لكن أن يتحول الإيمان بالخرافة من العوام إلى المثقفين، وأن يكون أغلب زبائن الدجل من أشهر نجوم المجتمع- فهذه مصيبة.. «ولو كان الأستاذ على فهمى بيننا اليوم لأضاف فصلاً جديدًا ومثيرًا لكتابة بعنوان «بهاليل الثقافة والإعلام فى مصر المحروسة» محذرًا أن تكون التخاريف «الموسوية الديهة» أقوى تأثيرًا فى الحالة المصرية من علم «زويل».