رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

على فكرة

ما زلت أبحث عنها، وأعدو وراءها من لحظة لأخرى ومن شهر لآخر ومن عام لعام، لعلنى أمسك بها مع مقدم كل عام جديد، ،لا تهزمنى لحظة يأس، ولا يوقفنى عن العدو خلفها قلب مثقل بالأحزان، ومثخن بالخذلان، أو بهزائم تلو أخرى لم أكن سبباً فى ظهورها بل كنتُ وغيرى ضحية لها، ولم تفلح وطأتها فى أن تباعد بينى وبين مواصلة البحث عنها.

مازلت أجرى سعياً للوصول إليها، وسأظل أفعل مدى العمر، إنها أحلام عمرنا المؤجلة قسراً وعنوة، التى تأبى أن تهبط من عليائها، إلى واقعنا العربى الفسيح. يؤنسنى فى رحلة البحث عنها عاماً بعد آخر، أننى لستُ وحدي، بل أخوضُ غمارها مع غيرى من العرب فى كل مكان، أنتظر وقوفها على أقدام ثابتة راسخة ، بشغف ولهفة، مع كل شروق شمس مبلل بقطرات ندى، يصاحب بزوغ فجر يوم عربى جديد، أو ليست بلاد العرب أوطاني، من الشامِ لبغداد، ومن نجدٍ إلى يمن، إلى مصرَ فتطوانِ، كما يقول الشاعر؟

قبل سنوات ، قرأت بدهشة مقالاً لافتاً للنظر للكاتب كامل زهيري، عن قصيدة «نزار قباني» الشهيرة (قارئة الفنجان) التى تغنى بها عبد الحليم حافظ، فى واحد من أجمل ألحان الموسيقار محمد الموجي، وأبرعها، فى صياغة جمل موسيقية تطلق العنان للخيال وتطابق بين النغمة والكلمة، بعد تعديل بعض مفردات النص الأصلى للقصيدة، بموافقة من الشاعر. سبب الدهشة أن المقال ذهب إلى تفسير للقصيدة لم يخطر على بال أحد. فالقصيدة لم تكن فى رأيه تتحدث عن الحب بين الرجل والمرأة، بل هى مرثية للحرية البعيدة المنال التى ينشدها كل عربى ولا يحظى بها: قالت يا ولدى لا تحزن، فالحب عليك هو المكتوب، فحبيبة قلبك يا ولدي، نائمة فى قصر مرصود، والقصر كبير يا ولدي، وكلاب تحرسه وجنود، وأميرة قلبك نائمة، من يدخل حجرتها، من يطلب يدها، من يدنو من سور حديقتها مفقود مفقود. فهل أذعن المواطنون العرب لنصيحة الكاتب والشاعر والمطرب؟ وهل كفوا عن  قرع الأبواب ،والاقتراب من الأسوار وحتى تحطيمها؟

لملم عام 2020 أوراقه وذهب إلى مجهول لا نعلمه، تاركاً خلفه بجانب غُصة فى الحلق وجائحة كونية مخيفة ، ملفات أحلامنا المؤجلة منذ بدايات القرن الماضى حتى اليوم، لنحملها معنا على أكتافنا، كصخرة سيزيف، يصعد بها  من سفح الجبل إلى قمته ، فتتدحرج منه إلى القاع فيعود لرفعها من جديد..

‏عذرا، لم يتمكّن مشغّل الفيديو من تحميل الملف.(‏رمز الخطأ: 100013)

ستبقى  أحلامنا هى قمة الجبل التى لن نكف أبداً عن الحلم بالوصول إليها ،لتلامس أناملنا القمر وتناغش السحب، وترسو فيه أحلامنا على أرض تلك القمة الصلدة. وبرغم كل الخيبات سنستقبل ،العام الجديد بالأحضان والبهجة، ونكسر (قلة) وراء العام المنصرم، كما كان يفعل كهنة الفراعنة، حين كانوا يصنعون تماثيل فخارية مكتوب عليها تعاويذ دينية، يأخذون فى تكسيرها كرمز للخلاص ممن يكرهونهم.

عام جديد يملؤنا التفاؤل بأن ترفرف فيه على ربوع أوطاننا رايات العدل والحرية والاستقلال، وتعم فيه مشاريع تنموية تكفل الحماية الاجتماعية لكل المواطنين. عام جديد يختفى من مدن أوطاننا الجوعى والمشردين واللاجئين وغير المتعلمين والعاطلين عن العمل. عام تهدم فيه السجون لتعم المدارس والجامعات والمستشفيات وتنتشر الحدائق والمكتبات فى كل مكان.

عام تعلو فيه المصالح المشتركة للدول العربية فوق المصالح القطرية الضيقة، وتمتلك الأمة مصيرها بيدها. عام تدرك فيه الدولة الوطنية العربية أن الاستقرار غير الجمود، وأن رضا الشعوب وقبولها بالسياسات التى تحكمها، هو الضامن الرئيسى لحماية استقرار الأوطان..

عام جديد نزهو فيه نحن العرب، صناع الحضارة والكشوفات العلمية والطبية والجغرافية والمعمارية منذ فجر الضمير الإنساني، بدولة المواطنة العربية التى تساوى بين مواطنيها فى الحقوق والواجبات، وتجرم التمييز بينهم بسبب الدين أو المذهب أو العرق أو الجنس أو اللون أو الاتجاه السياسي..

ولأنها أحلام عادية مشروعة ، فسوف أظل أردد قول الشاعر: أملى فيه ليأسى قاهرٌ، فلذا قلبى عليه صابرٌ.