رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مناحم بيجن رئيس الوزراء الإسرائيلى الأسبق كان يؤمن بنظرية استعمارية تقول «الحرب الدفاعية تسمح بضم الأراضى أما الحرب الهجومية فلا تسمح بذلك» بنيامين نتانياهو تلميذ فى مستوطنة إجرام مناحم بيجين، لكن من غرابة الأقدار أن يصبح – ليس فقط – أستاذا لكثير من العرب وإنما من وجهة نظر الكثير منهم «صديق» يأتمنه البعض على كراسيهم وعروشهم. ثم نأتى للتلويح بأن عدو عدوى «صديقى» من حيث إنها فكرة خبيثة استراح لها البعض لتبرير حالة التطبيع أو الانكفاء أمام إسرائيل بافتراض أن إيران هى العدو الأكبر لعدد من دول الاقليم.

شيطنة إيران فكرة أمريكية قديمة جرت بها صدام حسين قبل أربعين عاما لحرب مع طهران، وألبست أمريكا الحرب ثوب الصراع الأزلى بين العرب السنة والفرس الشيعة، وذلك امتدادا لثنائية تاريخية للحروب بين الفرس المجوس والعرب العدنانيين.. انتهت لعبة صدام حسين باحتلال أمريكا للعراق و«ذبح» صدام شنقا فجر عيد الأضحى. ومن ثروات العرب تم تمويل صدام حسين فى حرب الثماني سنوات مع ايران (1980 – 1988) ومن نفس آبار الثروة تم تمويل دحر الغزو العراقى للكويت 90/91، ثم تمويل الحرب الأمريكية على العراق من الحصار وحتى الاحتلال.. المشروع الصهيونى بدأ بتمويل غربى واليوم أصبح بتمويل عربى، والبعض يصدق نفسه بأن إسرائيل هى أمريكا الشرق الأوسط القريبة التى يسهل الطواف حول كعبتها كل ليلة، بدلا من مشقة شد الرحال سنويا للبيت الأبيض البعيد.

نعم لإيران أطماعها المستمدة من دور ومكانة لها بالإقليم منذ عرش طواويس آل بهلوى وصولا إلى عمائم آيات الله. والسؤال الطبيعى بلا حرج: حين تضل الخراف طريقها فهل نعتب على الذئاب إذا تقدمت وهجمت، فما بالكم إذا احتمت بذئاب غريبة خوفًا من عقر ذئاب قريبة! فى المنطقة الآن ثلاثة كيانات– مصر وإسرائيل والعرب – مصر باعتبارات التاريخ هى الدولة الوحيدة التى حاربت إسرائيل وكسرتها بحرب الاستنزاف وبلكمة نار خاطفة فى أكتوبر 1973. ما يحدث اليوم ليس إعادة لرسم خرائط قديمة، ولكنه فى حقيقة الأمر خيانة لتلك الخرائط وفى وضح النهار، بعد أن هرول الهاربون من الراعى آخر الليل إلى فراش أحط الذئاب.

من يفكر بعمق ويغوص تحت الأسطح الخادعة سيجد لمصر فرصة نادرة لاستجماع قوتها الكامنة بين أروقة تاريخ خمسة آلاف سنة، وليس أمامها اليوم إلا أن تمسك بعصا الجسارة وتعلن عن نفسها– مصر جديدة هى الأكبر بالاقليم والأقدر على التأثير. أتصور أن القيادة المصرية على وعى كبير بضرورة أن نحدد–اليوم وليس غدا–أين نحن وأى طريق سنختار للسير به، والانطلاق منه نحو مستقبل يليق بنا حقا. الدول يقاس مقدارها بمقدار ما يواجهها من مصائر. لا الارهاب ولا أزمة مياه النيل أو الانفجار السكانى بالتحديات التى تعيد كتابة تاريخ الأمم. ما سيعيد كتابة تاريخ مصر أن يتحرك هذا البلد خارج حدوده ليس بالاعتداء وإنما بالاعتداد بالنفس والدور والمكانة.. دول كثيرة التقت مصالحها فى أن تبقى مصر غارقة فى هموم حياتها وطعامها، وفى أن تظل مجرد مخزن للعمالة الرخيصة، وسوقًا كبيرًا يتم به ومنه تصريف ما يفيض عن حاجة أسواق أخرى. دول كثيرة بالإقليم وخارجة تتحرك فى الاتجاه الذى يبقى مصر بلدًا حائرًا عجوزًا بلا مستقبل ويكفيه مكانته بالمتاحف.

إسرائيل تعرف الكثير عن المخزون الكامن للدور المصرى، وتعتبر حالة التهافت العربى عليها خصمًا من رصيد هذا المخزون وحصارًا له.. وسط كثير من التوترات التى يعيشها العرب ما بين الخليج والمحيط كثيرا ما يبرز تساؤل عن «الطرف الثالث»، وأعتقد أن الطرف الثالث اليوم وفى هذه اللحظة ليس فقط ظاهرا للعيان وإنمًا عارٍ فى المكان لمن شاء أن يرى ويتأمل ويتدبر أمره.