رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ندى

 

خلف ورائه إرثا عظيما من الأبحاث والنظريات فى تطوير منظومة التعليم التى كرس حياته من أجلها , وحلم بإصلاحها ولكن هيهات , لم تجدكلماته صدى , بل على العكس حورب وانتقد وسفهت محاولاته .

الدكتورحامد عمار أو( شيخ التربويين) – اللقب الذى انتزعه من تلاميذه ومحبيه – ونحن على نفس الحال لا نعرف قيمة البشر , ولا قدر العلماء ونلهث وراء النكرات ممن يدعون العلم , ونكرم من لا يستحقون حتى مجرد ذكر اسمائهم وأكثرهم من الطحالب التى تطفو على السطح.

لم يشفع له سجله الطويل الحافل بالاعمال الوطنيه فى مجال بناء العقل وتنمية الفكر فى الحصول على التكريم المناسب حتى فى لحظات تشييع جثمانه – قبل 6 سنوان من الآن- التى شهدت تجاهلا شديد من الجميع ,وجحود كامل من زملاؤه وتلاميذه ,وغياب تام لرموز الدولة , ولم يكلف أى مسئول خاطره للمشاركة فى وداعه الى مثواه الا خير .

كان له رؤى نقدية نحو تجديد الفكر التربوي من خلال دراسته للمجتمع وبناء الإنسان العربي والتوظيف القومي للفكر الاجتماعى والتنمية البشرية وتطوير القيم التربوية وقضايا الأزمة التربوية وهموم التربية والثقافة وقيادة الفكر التربوي المصري، ومعالجة المشكلات التربوية والتوظيف الاجتماعى للتعليم والتجديد التربوي للثقافة، وكان من المؤمنين بدور التربية في تأسيس الوحدة العربية والتكامل الاجتماعى.

ولفت النظر إلى الأهمية البالغة للتربية الفنية، وواجه منذ منتصف السبعينات من القرن العشرين التيارات التي كانت تنكر وتقيد حركة الفنون في صنع الحياة، متشحة بغطاء التدين، مواجهًا النظرةالمتزمتة التي تسربت إلى بعض القائمين على العملية التربوية

وتناول عمار قضية"مجانية التعليم" في عدة سلاسل من المقالات، فعلى المستوى الشخصي يذكر اضطراره إ لى تقديم شهادة فقر كل عام مع شهادة التفوق الدراسي للحصول على مجانية التعليم ومدى شعوره بالذل والمهانة وقتها، ولعل هذا ما دفعه إلى تسجيل أولى رسائله الجامعية بعنوان(مبحث في عدم تكافؤ فرص التعليم في مصر عام 1947 بجامعة لندن

ويذكر في مؤلفاته أنه ذهل جدا من الاقتراح الذي قدمه أحد التربويين بضرورة إعادة النظر في مجانية التعليم بحيث تقتصر على الفقراء، وعلى القادرين أن يتحملوا مصاريف تعليمهم، وهنا يتساءل عماركيف يتم تحديد من هم الفقراء ومن هم الأغنياء؟ وكيف يثبت الفقراء فقرهم والأغنياء غناهم على مختلف مستويات كلا من الحالتين ؟ ويؤكد أن مجانية التعليم هي الأمل الوحيد في انفتاح طاقة العيش الكريم والتقدم, لافتًا إلى أن الشيء الكارثي أن تكون قضية مجانية التعليم استقرت عليها سياستنا التعليمية منذ عام 1944 عندما قررت الدولة توحيد التعليم الابتدائي ومجانيته، مع ضم التعليم الإعدادي إلى هذه المرحلة وفي عام 1951، بالإضافة إلى قراروزير المعارف وقتها الدكتور طه حسين بمجانية التعليم الثانوي وقال فيها قولته الخالدة(وعلى وزير المال أن يدبر المال) ثم جاءت ثورة يوليو، فقررت مجانية التعليم الجامعي لتصبح مراحل التعليم كلها بالمجان، إذن لقد اكتسب الشعب المصري حق مجانية التعليم بنضاله ووعي مثقفيه وساسته ومن ثم أصبح حقا مشروعا لا يجوز المساس به

وأصدر عمار عدة كتب في القضايا التربوية،منها كتابه الأول (العمل الميداني في الريف) في 1954، وأتبعه بكتب منها (في اقتصاديات التعليم) و(أعاصير الشرق الأوسط وتداعياتها السياسية والتربوية)، و(في آفاق التربيةالعربية المعاصرة من رياض الأطفال إلى الجامعة)، إضافة إلى كتابه عن (تعليم المستقبلمن التسلط إلى التحرر) و(مواجهة العولمة في التعليم والثقافة) و(التنمية البشرية في الوطن العربي) الذي نال عنه جائزة مؤسسة الكويت للتقدم العلمي في 1994 وهو العام الذيفاز فيه أيضا بجائزة الدولة التقديرية أرفع الجوائز في مصر آنذاك.

ولعمار إسهامات عربية في مجال التربية حيث ساهم في تأسيس معهد الخدمة الاجتماعية بالأردن في 1970 وأسهم في برامج مكتب صندوق الأمم المتحدة لرعاية الأطفال (يونيسيف) الإقليمي في أبوظبي بين (1972-1974) وتأسيس مركزالتدريب على العمل الاجتماعي في العاصمة العمانية مسقط

وساهم أيضا في وضع وثيقة إنشاء الصندوقالعربي للعمل الاجتماعي التابع لمجلس وزراء الشئون الاجتماعية العرب في تونس(1982) وتأسيس المجلس القومي للطفولة والأمومة بمصر (1988) وقسم الدراسات التربويةفي معهد الدراسات والبحوث العربية التابع للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم, ونال عمار في 2008 جائزة النيل في العلوم الاجتماعية وهي أكبر جائزة في مصر.

وسجل شيخ التربويين سيرته الذاتية في كتابه(خطى اجتزناها.. بين الفقر والمصادفة إلى حرم الجامعة) التي اعتبرها "رحلة طويلةمذهلة.. من مجتمع الزراعة البدائي واقتصاد الكفاف والاكتفاء بموارده الذاتية إنتاجا واستهلاكا إلى مرحلة آفاق مجتمع العولمة وعصر المعلوماتية

الأزمةالحقيقية التى تعيشها مصر منذ عصورطويلة – ومازالت -  أن كل الرموز يتعرضون لاهانات بالغة فى الحياةوبعد الرحيل , فالتجاهل هو مصير كل المبدعين الذين أثروا الحياة الفنية والثقافية والعلمية , فتجاهل حامد عمار هوحلقة فى سلسلة طويلة تضم قامات فى شتى الفنون والموسيقى والغناء , والغريب أن الدول العربية والاجنيبة تعرف جيدا قدر علماؤنا ,فتستقطبهم أحياء , وتحفظ سيرتهم وأعمالهم بعد الرحيل .

تجاهل الرموزهو احدى حالات الانهيار التى نعانى منها, وتسببت فيها أنظمة فاسدة تولت أمر هذاالبلد وأرادت أن تعصف بالمبدعين حتى يظلوا هم فقط فى الصورة , لكن التاريخ لا يكذب وعندما يتجمل فهو يتجمل فقط لمن ابدعوا وساهموا فى نشر الوعى والابداع , فهل يمكن أن يستمر الوضع على ما هو عليه , إذا كانت الاجابة بنعم فلنا الله وعلى مصرناالسلام

[email protected]