رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

على خلفية الأحداث الأخيرة فى فرنسا وما أعقبها وسبقها من تصريحات للرئيس فرانسوا ماكرون، أعتقد أن هناك مسئولية مشتركة ومتضامنة يتحملها اليمين الأوروبى المتصاعد والخطر، وانغلاق الثقافة الاسلامية على نفسها ورفضها للآخر.. وإذا كان الرئيس ماكرون يطمئن فى تصريحاته – غير المناسبة– للربط شبه المطلق بين الاسلام والإرهاب وبين المسلمين والتطرف، فإننى أدعو الرئيس ماكرون لقراءة هذه الفقرات التى أنقلها نصا من محاضرة كتبها وألقاها الاستاذ محمد حسنين هيكل بجامعة أكسفورد يوم 29 أكتوبر 2007 بدعوة من رئيس الجامعة اللورد كريس باتن، ومعهد رويترز للصحافة، وحضرها رئيس مؤسسة رويترز وأعضاء من السلك الدبلوماسى وإعلاميون وأساتذة الجامعة الشهيرة، وطلبتها.. سيستفيد الرئيس ماكرون كثيرا لو طلب نص المحاضرة وقرأها كاملة لأنها درس بليغ فى إمكانية التعايش السلمى بين الشمال والجنوب اذا خلصت نوايا الجميع.. يقول الأستاذ الكبير والجليل وكأنه يرد فى اكتوبر 2007 على ماكرون 2020:

انتقل إلى ملاحظة ثانية ملخصها أنه قبل سنوات قليلة وقع استغلال فجيعة إنسانية محزنة ضربت مدينة نيويورك فى الحادى عشر من سبتمبر 2001، وبهذا الاستغلال تحولت الفجيعة إلى عملية تلاعب مقصود بالصور وبأسلوب خداع البصر، فإذا العالم يفاجأ بأن صورة المسلم عربيًا وغير عربى قد أزيحت لتحل محلها صورة المتعصب الإرهابى، ثم تضافرت عناصر من عوالم القرار والأفكار والحوار تحت ضغوط المصالح المتصارعة بقصد ترسيخ هذا التلاعب بالصور وخداع البصر، إلى حد إعادة كتابة قصة الإرهاب فى التاريخ، فإذا الشمال بريء منه، وإذا الشرق الأقصى بعيد عنه، وإذا الدين الإسلامى وحده مرادف للانتحار والقتل فى المخيلة العامة الشائعة فى الشمال.

نلاحظ أن رمزًا دينيًا له مقامه هو بابا الفاتيكان (السابق) «بنديكتوس السادس عشر» وقف يتحدث عن الإسلام وعن الحضارة فى جامعة ألمانية، فإذا هو يلحق «التمدن» بالشمال و»الهمجية» بالجنوب الإسلامى، ويقرر–ولو بالتمليح–أن الفارق بين العالمين: «الغرب أخذ من المسيحية ثم من الفلسفة اليونانية ما يميزه عن غيره فى إعلاء قيمة الإنسان»، وكان أمل كثيرين ورجاؤهم لو تذكر خليفة «بطرس الرسول» أن المسيحية كلها غيث نزل على الشرق وفاض على الغرب رسالة وحكمة، حواريين وقديسين، قصصًا وتعاليم، صلوات وترانيم، كما أن السيد «المسيح نفسه من مواليد «الناصرة» والقديس «بطرس» الذى يقوم الفاتيكان على رفاته من أبناء القدس، كلاهما من الشرق، وأن القديس «مرقس» الذى تقوم كنيسته بمعمارها المتميز على أجمل ميادين أوروبا «سان ماركو» مولود فى أقاصى صعيد مصر، وكان مدفنه فى الإسكندرية، ومنها أخذ رفاته (ولا أقول سرق) فى القرن التاسع إلى «فينيسيا»، وذلك رغم أن كبار فنانى النهضة جنحوا إلى تصوير هؤلاء الرسل والقديسين والحواريين معظم الوقت أصحاب بشرة بيضاء وعيون زرقاء وشعر ذهبى.

وفى موضع آخر من المحاضرة يقول: دعنى أقول أن ليس من باب التعسف أن نسأل لو أن الصحافة الحديثة وضمنها وكالات أنباء مثل: «رويترز» أو مؤسسات مثل: abc و.b.c وn.b.c والجزيرة وsky وfox وc.n.n كانت حاضرة زمن حروب الأباطرة والملوك والكرادلة والعلماء والمذاهب والطوائف والقوميات والطبقات والإمبراطوريات والتحديات الإمبراطورية لها فى أوروبا؟

ماذا على سبيل المثال لو كانت هذه الصحافة الحديثة حاضرة أيام مذبحة «سان بارتولميو» مثلا حين جرى ذبح مئات الألوف من الهوجونوت الفرنسيين على أيدى مواطنيهم من الكاثوليك بتحريض كرادلة ونبلاء؟ وماذا لو كانت هذه الصحافة الحديثة حاضرة فى ميدان الكونكورد حيث كانت مقصلة الثورة الفرنسية تدور وتقطع رءوس الملوك والأمراء والسياسيين والمفكرين كل يوم من الصباح إلى منتصف الليل؟ أو لو عبرت البحر إلى برج لندن تنقل ما يجرى وراء أسواره للإخوة من النبلاء والمحظيات وأولياء العهود من مآس وأهوال؟

وماذا لو كان نفس البث المباشر حاضرًا ينقل على الهواء مباشرة مشاهد بعض أو أشد الأعمال ظلما فى تاريخ الإنسانية؟ تلك التى كان الشمال لسوء الحظ فاعلها، من ظاهرة الاستعمار إلى ظاهرة العبودية وإلى ظواهر أخرى متوالية فى قلب القرن العشرين..

أتمنى أن يطلب الرئيس ماكرون محاضرة الأستاذ هيكل الذى التقى أكثر من مرة بالزعيم التاريخى لفرنسا الحديثة شارل ديجول، وكان مقربا إلى حد الصداقة من الرئيس والفيلسوف فرانسوا ميتران.