رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

رؤى

اختلفت الروايات حول مطالب عرابى يوم 9 سبتمبر 1882 فى ميدان عابدين، خاصة بند عزل شيخ الأزهر، قيل إن مطلب عزله كان ضمن المطالب التى رفعها للخديو توفيق فى ميدان عابدين، وقيل إن الزعيم أحمد عرابى أوعز لبعض المشايخ المساندين له فى الجامع الأزهر إلى الخروج على الشيخ ومضايقته والمطالبة بعزله، ومن ثم أصدر الخديو توفيق أمرًا خديويًا بعد أيام من موقعة عابدين بعزل شيخ الأزهر، وهو ما يثير عدة أسئلة على قدر كبير من الأهمية وهى: ما هو موقف الزعيم أحمد عرابى من شيخ الأزهر؟، وهل وقعت منافرة بينهما؟، وما هى أسباب هذه الوحشة؟، هل كان مؤيدا لثورة الجيش ضد الخديو؟، هل كان يحرم قيام الجيش بثورة على ولى الأمر؟، هل كان ضد الخروج على الخديوى توفيق بشكل محدد؟، هل لم يشارك لقناعته الفقهية بأن الخديو توفيق لا تنطبق عليه شروط الحاكم الجائر؟، هل شيخ الأزهر تورط سياسيًا وشرعيًا فى تسهيل دخول الجيش البريطانى البلاد واحتلالها؟، لماذا قبل شيخ الأزهر أن يجلس على كرسى المشيخة فى ظل احتلال البلاد وانكسار الجيش المصري؟

الذى قرأ أحداث الثورة يعلم جيدًا أن معظم مصادرها جاءت من خلال شهادة بعض من شاركوا فيها وبعض من عاصروها، وهؤلاء جميعًا لا يمكن أن نضعهم فى سياق واحد، ولا يمكن كذلك أن ننزه رواياتهم على إطلاقها ونعتمد كل منها بعيدًا عن مواقف صاحبها السياسية من الأحداث، أو بعيدًا عن الضغوط والظروف الاجتماعية السياسية التى عاش وتعرض لها.

 كما يجب علينا ونحن نعيد فحص الروايات أن ننتبه لعامل نفسى وزمنى على قدر كبير من الأهمية، وهو أسبقية إعلان الشهادة، حيث إن الشهادات التى تنال السبق فى الإعلان، بغض النظر عن قيمتها أو حجم مصداقيتها أو تأثرها الأيديولوجي، هذه الشهادات تترك أثرًا كبيرًا فى الشهادات التالية لها، أو فى نفوس الذين لم يكتبوا شهادتهم بعد، فصاحب الشهادة الأولى للواقعة يؤثر بأحكامه إلى حد بعيد على من سيشهدون من بعده، سواء فى بنية الحكاية أو فى صياغتها والقاموس المستخدم فيها، ناهيك عن أن شهادته تقوم بمحاصرة وأسر من لم يشهدوا بعد داخل إطار شهادته، وهو ما يدفع من يأتى بعده إلى إما أن يعيد الرواية الأولى بصياغة جديدة مع بعض إضافات إلى المشهد لا تخرجه من إطار الرواية الأولى، أو انه يحاول تقديم شاهدة تنفى ما جاء فى الشهادة الأولى، وفى كلتا الحالتين تقع شهادته فى أسر الشهادة الأولى.

 

[email protected]