رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

رؤية

كثيرًا ما نسأل أنفسنا فى هم ونكد وكدر: ليه وإيه اللى أقحمنى وجعلنى طرفا فى مثل ذلك الحوار الغبى الشائك الفارغ المهدر للوقت؟!!  .. وأسأل هو كان إيه منطلق الحوار  لأنه ضاع فى جلبة التصعيد اللامنطقى، وما الذى دفعنى للمشاركة بداية رغم عدم وضوح ذلك  المنطلق وصعوبة مراس أطرافه، ولماذا لم أسأل عن غاية الحوار، ولماذا لم ألاحظ الانتقال الفوضوى بين محطات سير ذلك الحوار؟...

أعتقد لو كنت سألت نفسى مثل تلك الأسئلة بتروٍّ وتفهم ما كنت غرقت فى بحر ظلمات وغباوات حوارات التفاهة وجدليات تصل بنا أحيانًا لإهدار كرامتنا، فللحوار أدواته وشروطه وقنواته، وكذلك له أخلاقياته التى هى أوسع من دائرة آدابه.

ولعل الحوارات الفسبوكية خير مثال للحوارات التى نحلم بانضباطها لأنها فى النهاية تتم على أرضية أكثر اتساعًا وبراحًا وتنوعا فى الموضوعات وتركيبات أهل التحاور وتباين مرجعياتهم، وعليه فانضباط لغة وأخلاقيات الحوار قد ينعش حالة من تبادل المعارف والثقافات والآراء فى مجتمع يعانى الظمأ والجوع من تراجع الثقافات والمعارف.

وعليه، هل لنا أن نسأل ماذا جلبت لك تلك الحوارات؟  هل شعرتَ أنّها تقرّبك من الآخر أكثر؟ هل أدركت أنّ الحوار طريق أو جسر يوصلك إلى قلب وعقل من تحاوره؟  هل لمست أنّ الحوار يفتح آفاقاً ربّما لم تكن تستطيع فتحها لو لم تدخل فى حوار مباشر مع الآخرين؟ هل أعطاك الحوار انطباعاً عن معرفة ذاتك وقيمة ما تحمل من فكروعلم وثقافة؟ هل راعيت عدم الذهاب لمناطق التعصب والتشدد بما يتيح للجميع عرض أطروحاتهم وفق منهجية حوار هادفة؟ هل كنت حريصًا على عدم الانفعال المؤدى للتلاسن بأحاديث التنمر والسخف وإطلاق الادعاءات المفترية؟

    إن كان جوابك بالإيجاب، فأنت انسان حضارى تتقن لغة الحوار وتجيد استعماله كأسلوب من أساليب الخطاب والتفاهم والتواصل مع الآخرين. نستطيع أن نقول إن الحوار هو فن وممارسة، فن التوصل إلى الممكن من الرضا بين أطراف الحوار، وممارسة نتائجه بترجمتها على أرض الواقع بتحويل توصياته ونتائجه إلى أفعال وممارسات. ويكون بدون سيطرة طرف على آخر من أجل التوصل إلى نتيجة تخدم المجتمع أو القضية التى انعقد من أجلها الحوار. والحوار ليس ترفاً سياسياً، بل هو حاجة إنسانية ووطنية من أجل تحقيق الاتفاق الذى يصبو إليه المتحاورون، فالحوار هو مناقشة من أجل الاتفاق وليس صراعاً، ومن أجل التفاهم لا تعميق التخاصم، وتدريب الذات الإنسانية على القبول بالآخر لا تهميشه، واعتراف بوجوده لا بإقصائه، تعاون واتفاق لا انتصار وهزيمة. فهو إذن يُجسد شخصية المتحاور وينميها، ويمثل التقاءً بين الأفكار وتلاقحاً بدون أن تتلاطم وتتشتت، كما أن الحوار يُجسد الممارسة الديمقراطية مع الذات أولاً ومع الآخر ثانياً، ويُعلمنا كيف نستمع إلى الآخر وكيف نتفق معه بدون أية تنازلات أو مكاسب شخصية.

[email protected]