رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

قرأت مقالا تحليليا نشر بالواشنطن بوست تكرم علينا برابطه زميلنا العزيز الصحفى اللامع المقيم بأمريكا الأستاذ محمد سطوحى على صفحته بالفيسبوك.. المقال استعرض التغير المرتقب فى موقف الديمقراطيين الأمريكيين تجاه إسرائيل وما تحظى به من تدليل أمريكى وصل فى عهد الرئيس دونالد ترامب إلى حد «الفحش الامبراطورى المهين».. ومن غرائب بعض العرب أنهم قرروا مواجهة بصيص تعاطف الجناح الديمقراطى الأمريكى تجاه القضية الفلسطينية بتطوير علاقاتهم مع الكيان الصهيونى، أو بمعنى أدق العلاقات «المتنقبة سياسيا».

لو أننا أمام فيلم سينمائى شديد الحبكة فلن يكون أكثر إثارة مما نتابعه وسنتابعه فى الفترة المقبلة عندما تتكشف باقى قصص الغرام والعشق ويحين وقت إزاحة الستار عن مجالس العشاق وأمرائها وشعرائها وعازفات أنغام الليالى الدافئة.. لو نظرنا حولنا سنجد أن أهم ثلاث قوى اقليمية بارزة فى منطقتنا (إيران وتركيا وإسرائيل) تقيم مشروعها – بغض النظر عن شرعية المشروع من عدمه – على أساس الهوية وحقائق التاريخ. إيران تستدعى مجد فارسيتها، وتركيا تستدعى مجد عثمانيتها، وإسرائيل تجاوزت كل الحدود وتقيم مشروعها على اساس الوعد الإلهى بأرض الميعاد والتى ستظل أرضا لليهود فقط دون غيرهم كوطن قومى خالص.. إذن نحن أمام ثلاث هويات شديدة التعصب لجذورها وتاريخها.. فى المقابل نجد بعض العرب يقيمون مشروعهم – إن كان لديهم مشروع – على أساس خلع الهوية واستعداء التاريخ.. القضية الفلسطينية بين معسكر التعصب للهوية ومعسكر التعرى من الهوية أصبحت مثل «قميص عثمان» لبسه بعض العرب رغما عنهم لستر عوراتهم السياسية والمبادئية، وخلعه البعض الآخر اتقاء لغضب ساكن البيت الأبيض..

دونالد ترامب قبل نيتانياهو حسب تقرير الواشنطن بوست الأسبوع الماضى وصف الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل باعتباره انتصارًا للمسيحيين الإنجيليين الأمريكيين، الذين يعتبرون الهيمنة الإسرائيلية على الأراضى المقدسة بالنسبة لهم مسألة رعاية إلهية.. جاريد كوشنر مستشار ترامب وصهره نشر له مقال بالواشنطن بوست عن السلام فى الشرق الأوسط لم يذكر به الفلسطينيين مرة واحدة. الديمقراطيون، بقيادة المرشح الرئاسى جو بايدن، أعلنوا رغبتهم فى تغيير المسار إذا وصلوا إلى السلطة، وفعليا هناك أصوات مرتفعة تتساءل عن جدوى المليارات التى تحصل عليها إسرائيل، والمقابل حسب وصفهم كثير من المتاعب لأمريكا.. حتى الآن فإن برنامج الحزب الديمقراطى يرفض الضم ويعبر عن دعمه لحل الدولتين وحقوق الفلسطينيين.. عام 2002 أيد كل العرب فى قمة بيروت ما عرف بالمبادرة العربية التى أطلقها العاهل السعودى السابق الملك عبدالله بن عبدالعزيز وجوهرها القبول بالسلام الكامل مقابل استعادة الأرض المحتلة بالكامل.. ماذا تغير من 2002 إلى اليوم سوى التوسع فى الاستيطان واستغلال حالة الهوان العربية لتحويل وهم اسطورة أرض الميعاد من مجرد وهم صهيونى إلى واقع مختوم بختم البيت الأبيض. حجة بعض العرب أنهم يحتمون بإسرائيل من الطمع الايرانى الاقليمى باعتبار أن الكيان الصهيونى الأكثر عداوة لإيران فى المنطقة.

 للأسف فى هذا التصور نوع من الوهم الاستراتيجى لأن إسرائيل بحكم ارتباطها العضوى بالمعسكر الغربى كله (أمريكا وأوروبا ) تتاجر بالتخويف من الخطر الإيرانى لحساب الولايات المتحدة أولا التى تعتبر نظام الملالى الايرانى « كنز استراتيجى » تحلب من أبوابه الخلفية أموال ومواقف ومستقبل كل المرعوبين من ايران وأولهم العرب المشارقة..

داخل إسرائيل نفسها «حركة المساواة» وداخل الولايات المتحدة «برنامج الحزب الديمقراطى» قبول معلن بفكرة الدولتين وبمنطقية قوميتين فوق أرض واحدة – هذا يعنى أنه فى تل أبيب وواشنطن من يرفض علنًا وبإيمان إعلان 2018 بأن إسرائيل قومية يهودية لليهود فقط.. أما بعض المشارقة العرب فإنهم أقرب لنيتانياهو ربما من أنفسهم.. إنها ليست جاذبية كيان صهيونى محتل، ولكنها أولا وأخيرا حالة من حالات العشق العربى المحرم..