رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الناصية

تضررّ الأموات قبل الأحياء من مشروعات تطوير القاهرة.. وهى مشروعات تمتد فى كل نواحى العاصمة، من شمالها إلى جنوبها، ومن شرقها إلى غربها، وكل يوم تقريبًا نصحو على صراخ سكان منطقة من المناطق، الفقيرة والغنية، وكذلك صراخ الأموات بعد أن طال التطوير المقابر!

فقد طال التطوير شارع ترسا ومنطقة المريوطية بالجيزة للبدء فى مشروع الخط الرابع لمترو الانفاق فى الهرم، مع أن سكان هذا الشارع والمنطقة أكلهم الناموس نهشا، وظلوا ٤٠ عاما يشكون لطوب الأرض من أجل رفع القمامة، أو عمل رصيف ولم يسأل فيهم أحد.. المهم من ترسا إلى سكان الزمالك الذين تضرروا من مترو الأنفاق فى الحى، إلى أموات المقابر، أقصد أصحاب مقابر الأزهر والبساتين والخليفة، حيث بدأت محافظة القاهرة إزالة عدد من المقابر وتنوى إزالة نحو 2000 مقبرة أخرى، حسب تصريحات مسئوليها للصحف.. يعنى الكل يشكو ويبكى.. الأحياء والأموات معًا!

وأعلم شخصيًا من بعض المشاركين فى تطوير القاهرة، حجم الأعمال الضخمة والجهود الكبيرة والمبدعة لعمل تطوير شامل للقاهرة، والتى ستجعلها فى وقت قريب جدًا من أجمل عواصم العالم بلا عشوائيات خطرة اجتماعيا، وبلا أوكار خارجة على القانون.. باعتبارها الواجهة الحضارية الأولى لمصر أمام السياح ونحن بلد لا يمتلك من إمكانيات حقيقية سوى الآثار.. وأن أفضل المصادر المتاحة والمضمونة للدخل القومى هى السياحة، وذلك لأننا لم نتمكن بعد من أن يكون تصدير الإنتاج الزراعى أو الصناعى، مصدرًا رئيسيًّا للعملة الصعبة.. خاصة إلى أفريقيا على الأقل والتى تعتبر حديقتنا الخلفية.. ولهذا لابد من هذا التطوير، الذى سيجعل القاهرة أيضا مكانًا آدميًا لسكانها!

ومن المؤكد أن تكون هناك تضحيات وضحايا لأى تطوير فى العالم.. ولا شك أن لا أحد يرفض التطوير.. حتى المتضررين أنفسهم لا يرفضون التطوير، ولكن شكواهم من تداعياته وتأثيره المفاجئ على مساكنهم وعلى مقابرهم دون سابق إنذار، حسب قولهم.. وكذلك عدم تناسب التعويضات لقيمة العقارات التى تمت إزالتها وخصوصا فى منطقة مثل ترسا بالهرم، وقد دفع كل سكانها أعمارهم عدًا ونقدًا للحصول على شقة.. وإذا كنا نتفهم طبعا الحاجة الملحة للتطوير لإعادة القاهرة إلى رونقها وجمالها، فإنه من الضرورى أن تطّور الحكومة علاقتها بالمتضررين كذلك!

< من="">

تعجب الناس.. وتساءلوا عن الأسباب التى جعلت الشاب المصرى لا يرد الصاع صاعين لهذا الكويتى، الذى اعتدى عليه مرة واثنين وثلاثًا.. وقال البعض إن سلبية الشاب ترجع إلى خوفه على وظيفته وإنه ارتضى الاهانة لشعوره العميق أصلا بالمهانة، وإن ذل الحاجة جعلته يتقبل الضرب فى صمت.. ومن قالوا ذلك لا يعرفون المصريين.. والموضوع غير ذلك تماما.. الموضوع أن المصريين محترمون ومؤدبون.. وهذه حقيقة.. وراجعوا طريقة تعاملهم مع الغرباء من كل الجنسيات.. لاحظوا تعاملهم مع كبار السن فى الشارع والبيت والعمل.. ومع النساء والأطفال، وتذكروا أول كلمة يقولها غير المصريين عن المصريين.. طيبون.. كرماء.. مرحون.. مؤمنون.. هذه أوصاف شعب لا يعرف العنف والخيانة والغدر.. شعب يتضرع طلبًا للرحمة والمغفرة مع أنه أطيب خلق الله.. ويذوب عشقًا فى وطنه، ويكفى أن تذكر اسم مصر حتى تسقط دموعه حبًا.. لأنه شعب وضع قواعد الدين والأخلاق والمعرفة والفن.. وعلم شعوب العالم معنى الأدب.. فهل يمكن أن يكون هذا الشعب قليل الأدب مثل غيره من الشعوب المتخلفة ناكرة الجميل؟!

[email protected]